أرشيف التصنيف: نفسانيات

في المذهب والتمذهب – يوسف عبجي

في المذهب والتَّمَذْهُب
هل المذهب مرآتنا؟

يوسف عبجي

يوسف عبجي*

 

اختيار الفكاك من المذهب الذي ننشأ عليه ليس مجرَّد قضية نظرية، بل هو تطبيق عملي في المقام الأول. علينا، أولاً، أن ندرك إلى أيِّ حدٍّ تشدُّنا آمالنا وأشواقنا ومخاوفنا من المستقبل إلى ذلك المذهب؛ إذ إن أملنا بأن تتحقق أشواقنا عبر الامتثال للمذهب يقودنا إلى حياة من الانتظار تنحو أكثر فأكثر إلى الإحباط؛ والإحباط المقموع يعتمل وينفجر على هيئة لَهْوٍ اجتماعي قهري وإدماني.

Continue reading

هل نحن أيقاظ؟ – ألفرد ر. أوراج

هل نحن أيقاظ؟*

أ.ر. أوراج

ألفرد ر. أوراج**

 

كيف يمكن لنا أن نتأكد، في أيِّ لحظة بعينها، من أننا لسنا نيامًا نحلم؟ ظروف الحياة لا تقلُّ في بعض الأحيان خياليةً عن ظروف الأحلام، وهي تتغير بالسرعة ذاتها. فماذا لو اتفق لنا أن نستفيق لنجد أن حياة اليقظة مجرَّد حلم وأن نومنا وحلمنا الراهنين ليسا غير حلم ضمن حلم؟

Continue reading

ملحوظات في اللذة والألم – ديمتري أڤييرينوس

ملحوظات في اللذَّة والألم

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

ليست الحياة دومًا بستان ورود – هيهات! الحياة، في كثير من الأحيان، طريق شاقَّة وعرة، يدمى فيها القلبُ قبل أن تدمى القدمان. فعلى الرغم من خيرة نوايانا وخططنا، ترى الحياة تخبِّئ لنا مفاجآت: بعضها سارٌّ – وهذه هي اللحظات اللذيذة والذكريات البهيجة؛ وبعضها الآخر غير ذلك – وهذه تتراوح بين المصاعب المقبولة وغير المؤذية وبين المصائب الشديدة والصدمات المأسوية الرهيبة. ونحن مثلما نتعطَّش إلى اللذة، نطلبها، نطاردها، كذلك نخشى المِحَنَ من كلِّ صنف، ننفر منها ونتهرَّب، حتى إننا كثيرًا ما نتوجَّس من مجرَّد فكرة الألم والمأساة – وهذا طبيعي. وبما أنه طبيعي، فهو كذلك علامة صحَّة نفسية وذهنية سوية. مع ذلك، هل هذا التعطُّش إلى اللذة وهذا النفور من الألم مناسبان للتصدِّي لتحدِّيات الحياة؟ هل نحن مسلَّحون، بمجرَّد سباحتنا مع تيار الإشراط الطبيعي، لمواجهة صدمة المأساة؟

Continue reading

في الحب – ألفرد ر. أوراج

رسالة في الحب*
(نقلاً عن اللسان التيبتي بتصرف)

أ.ر. أوراج

ألفرد ر. أوراج**

 

عليكم أن تتعلَّموا التمييز بين ثلاثة أنواع من الحب على الأقل (مع أن هناك سبعة منها إجمالاً): الحب الغريزي، والحب العاطفي، والحب الواعي. لا خوف عليكم كثيرًا من عدم التمكن من تعلُّم النوعين الأولين، لكن النوع الثالث نادر ويتوقف على كلا الجهد والفطنة على حدٍّ سواء. أساس الحب الغريزي هو الكيمياء. البيولوجيا كلُّها كيمياء، أو لعلنا يجب أن نقول الخيمياء؛ وتوافقات الحب الغريزي، متجلِّيةً في التجاذبات والتنافرات والتراكيب الآلية والكيميائية التي نسمِّيها الحبَّ والمغازلة والزواج والأولاد والأسرة، ما هي إلا المكافئات البشرية لمختبَر الكيميائي. ولكن مَن الكيميائي هنا؟ إننا ندعوه الطبيعة. ولكن مَن هي الطبيعة؟ ترانا لا نحدس ماهيَّتها بأكثر مما يحدس الكافور الذي يطعِّم البَنْيان[1] وجود بستاني. مع ذلك، يوجد بستاني. لمَّا كان الحب الغريزي كيميائيًّا فهو في مثل قوة المواد والخواص التي هو تجلٍّ لها ويدوم بدوامها. … وهذه لا يعرفها ويقيسها إلا مَن يفهم السيرورة الخيميائية التي ندعوها الوراثة. لَحَظَ كثيرون أن الزيجات السعيدة أو التعيسة وراثية؛ وكذلك أيضًا هو عدد الأبناء وجنسهم وطول عمرهم إلخ. وعلم النجوم المزعوم ليس غير علم الوراثة – حين يكون علمًا – ممتدًّا على فترات طويلة.

Continue reading

ملحوظات في الخوف – ديمتري أڤييرينوس

ملحوظات في الخوف وعواقبه

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

أسير وسط الظلمة. المكان شبه معتم ومعزول تمامًا. أنا وحدي. تراودني انفعالات الكَرَب والريبة والتوجُّس. لا أجد تفسيرًا للخوف المعتمل فيَّ: لعلَّه غريزة البقاء، قلق الحياة، جزع الموت… أجفل لرؤية ظلِّي وألتفت لسماع صوت أنفاسي. ثم… أتسمَّر في مكاني هلعًا!

Continue reading

الحرية وإستراتيجيات التهرب – ديمتري أڤييرينوس

في الحريَّة وإستراتيجيَّات التهرُّب

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

على طالب الحرية أن يكون متأهبًا لمواجهة كلِّ ما تفاداه وهو يطلبها. فمحالٌ أن ينال طالب الحرية ما ينشُد قبل أن يواجه أولاً ما تحاشاه أو تهرَّب منه.

في حياة الإنسان، حتى إذا كانت هانئة في الظاهر، جروح عديدة، يعود بعضها إلى سني الطفولة المبكرة. لا بل إن طيف الجروح الإنسانية كلَّه حاضر في كلِّ إنسان، بشكل أو بآخر. بعضهم ينجح في تضميد جروحه النفسية، فيواصل ببساطة حياته اليومية؛ لكن من المشكوك فيه أن يفلح في شفاء هذه الجروح التي تظل تنزُّ، معكِّرةً عليه راحة باله. هذا الإخفاق بحدِّ ذاته أمر جيد لأنه يعني أن الجرح يتطلب العناية؛ إذ إنه أشبه بحصاة في الحذاء تظل تعرقل السير مادام السائر لم يهتم بإخراجها.

Continue reading

منزلة التفكير من الوجود – ديمتري أڤييرينوس

منزلة التفكير من الوجود

ديمتري أڤييرينوس 

ديمتري أڤييرينوس

 

تكاد حياتنا برمَّتها تتمحور على التفكير، حتى إننا لا نطيق تخيُّلها من دونه. لكن التفكير، مهما قيل فيه، يبقى مجرَّد أداة، يُفترَض فيها أن تُستعمَل عند الطلب وأن تُنحَّى في غيابه؛ إنه أداة كأيِّ أداة أخرى، شأن المعول أو السكين – لا أكثر ولا أقل! قد يُظَنُّ أن كلامنا هذا منافٍ للمعقول، وذلك لأن التفكير يبدو، للوهلة الأولى، غير محدود؛ يبدو وكأنه يتصدَّى للمشكلات ويحلُّها؛ يبدو أنه يوسِّع إمكاناتنا توسيعًا غير محدود. أما في واقع الأمر فلسنا إلا مجرَّد بشر فانين، خاضعين للولادة والنمو والشيخوخة والموت. تضفي قوة تفكيرنا علينا فرادة الصفة البشرية، لكنها تجعلنا، في الآن نفسه، “فريدين” من حيث التعقيد، “فريدين” من حيث الخطر، وفي كثير من الأحيان، “فريدين” من حيث التدمير الذاتي!

Continue reading