أرشيف التصنيف: مقالات

في الحرية العميقة – موسى د. الخوري

في الحرِّية العميقة 1

موسى د. الخوري

موسى د. الخوري*

 

1

تُختَبَرُ الحرية في مواجهة التساؤلات الكبرى، وفي مواجهة النقد الفكري والعلمي الذي يشكِّل مرآة القدرة على التطور والانفتاح والمشاركة.

فعندما نكون أحرارًا في الداخل – في العمق – تتحقَّق الحرية الخارجية كنتيجة للحرية الداخلية. ينطبق ذلك على الفرد، كما ينطبق على الجماعة عندما يزداد عدد الأحرار في ذواتهم، فينهضون بالمجتمع ويحرِّرونه.

Continue reading

عن التسامح والعولمة وأشياء أخرى… – ديمتري أڤييرينوس

عن التسامح والعولمة وأشياء أخرى…*

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

إلى روح الحاج حسين مدخنة

 

كثيرًا ما يجري الحديث في هذه الآونة عن مفاهيم من نحو “التسامح”، “التعايش”، “التجاور السلمي”، إلخ، وكأن احترام التعددية وقبول الآخر المختلف صارا من تقاليدنا الثقافية الراسخة حتى بتنا نحيا جنَّة التفاهم في العالم العربي وعلى الكرة الأرضية بأسرها!

ينطوي الاستعمال الدارج لكلمة “تسامُح”، في الخطاب الثقافي بعامة والديني بخاصة، على رياء مبطَّن. فكأن الأطراف المعنيَّة بهذا الخطاب لا ينفك بعضها “يخطئ” في حقِّ بعضها الآخر، فلا يلبث هذا البعض، على مضض شديد، أن “يسامحه” على خطئه، وكأن شيئًا لم يكن! لكن من الواضح للغاية أن منطق المراءاة هذا غير سليم، ولا يمكن له أن يظل ساري المفعول على المدى الطويل.

Continue reading

عن قطاف أزهار البرتقال – يوسف عبجي

عن قطاف أزهار البرتقال
في التربية المتكاملة

يوسف عبجي

يوسف عبجي*

 

لو وُجِدَتْ مدرسةُ حياة، كتلك المدارس الشائعة في مصر القديمة، مدرسةٌ تتأسَّس على الجانب العملي من الحياة وحده (كأنْ تجعل من فكِّ رموز الحروف وتدوينها فنًّا قائمًا بذاته)، لكانت حصَّة فجر اليوم الدَّرْسية مخصَّصة لقطاف أزهار البرتقال ولتمييز أصوات الطيور، ولَمَا تخلَّلتْها كلمةٌ واحدة – ولعلَّها مهمَّة شاقة بنظر أغلب أبناء المدن الحديثة!

Continue reading

في المذهب والتمذهب – يوسف عبجي

في المذهب والتَّمَذْهُب
هل المذهب مرآتنا؟

يوسف عبجي

يوسف عبجي*

 

اختيار الفكاك من المذهب الذي ننشأ عليه ليس مجرَّد قضية نظرية، بل هو تطبيق عملي في المقام الأول. علينا، أولاً، أن ندرك إلى أيِّ حدٍّ تشدُّنا آمالنا وأشواقنا ومخاوفنا من المستقبل إلى ذلك المذهب؛ إذ إن أملنا بأن تتحقق أشواقنا عبر الامتثال للمذهب يقودنا إلى حياة من الانتظار تنحو أكثر فأكثر إلى الإحباط؛ والإحباط المقموع يعتمل وينفجر على هيئة لَهْوٍ اجتماعي قهري وإدماني.

Continue reading

هل نحن أيقاظ؟ – ألفرد ر. أوراج

هل نحن أيقاظ؟*

أ.ر. أوراج

ألفرد ر. أوراج**

 

كيف يمكن لنا أن نتأكد، في أيِّ لحظة بعينها، من أننا لسنا نيامًا نحلم؟ ظروف الحياة لا تقلُّ في بعض الأحيان خياليةً عن ظروف الأحلام، وهي تتغير بالسرعة ذاتها. فماذا لو اتفق لنا أن نستفيق لنجد أن حياة اليقظة مجرَّد حلم وأن نومنا وحلمنا الراهنين ليسا غير حلم ضمن حلم؟

Continue reading

ملحوظات في اللذة والألم – ديمتري أڤييرينوس

ملحوظات في اللذَّة والألم

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

ليست الحياة دومًا بستان ورود – هيهات! الحياة، في كثير من الأحيان، طريق شاقَّة وعرة، يدمى فيها القلبُ قبل أن تدمى القدمان. فعلى الرغم من خيرة نوايانا وخططنا، ترى الحياة تخبِّئ لنا مفاجآت: بعضها سارٌّ – وهذه هي اللحظات اللذيذة والذكريات البهيجة؛ وبعضها الآخر غير ذلك – وهذه تتراوح بين المصاعب المقبولة وغير المؤذية وبين المصائب الشديدة والصدمات المأسوية الرهيبة. ونحن مثلما نتعطَّش إلى اللذة، نطلبها، نطاردها، كذلك نخشى المِحَنَ من كلِّ صنف، ننفر منها ونتهرَّب، حتى إننا كثيرًا ما نتوجَّس من مجرَّد فكرة الألم والمأساة – وهذا طبيعي. وبما أنه طبيعي، فهو كذلك علامة صحَّة نفسية وذهنية سوية. مع ذلك، هل هذا التعطُّش إلى اللذة وهذا النفور من الألم مناسبان للتصدِّي لتحدِّيات الحياة؟ هل نحن مسلَّحون، بمجرَّد سباحتنا مع تيار الإشراط الطبيعي، لمواجهة صدمة المأساة؟

Continue reading

في الحب – ألفرد ر. أوراج

رسالة في الحب*
(نقلاً عن اللسان التيبتي بتصرف)

أ.ر. أوراج

ألفرد ر. أوراج**

 

عليكم أن تتعلَّموا التمييز بين ثلاثة أنواع من الحب على الأقل (مع أن هناك سبعة منها إجمالاً): الحب الغريزي، والحب العاطفي، والحب الواعي. لا خوف عليكم كثيرًا من عدم التمكن من تعلُّم النوعين الأولين، لكن النوع الثالث نادر ويتوقف على كلا الجهد والفطنة على حدٍّ سواء. أساس الحب الغريزي هو الكيمياء. البيولوجيا كلُّها كيمياء، أو لعلنا يجب أن نقول الخيمياء؛ وتوافقات الحب الغريزي، متجلِّيةً في التجاذبات والتنافرات والتراكيب الآلية والكيميائية التي نسمِّيها الحبَّ والمغازلة والزواج والأولاد والأسرة، ما هي إلا المكافئات البشرية لمختبَر الكيميائي. ولكن مَن الكيميائي هنا؟ إننا ندعوه الطبيعة. ولكن مَن هي الطبيعة؟ ترانا لا نحدس ماهيَّتها بأكثر مما يحدس الكافور الذي يطعِّم البَنْيان[1] وجود بستاني. مع ذلك، يوجد بستاني. لمَّا كان الحب الغريزي كيميائيًّا فهو في مثل قوة المواد والخواص التي هو تجلٍّ لها ويدوم بدوامها. … وهذه لا يعرفها ويقيسها إلا مَن يفهم السيرورة الخيميائية التي ندعوها الوراثة. لَحَظَ كثيرون أن الزيجات السعيدة أو التعيسة وراثية؛ وكذلك أيضًا هو عدد الأبناء وجنسهم وطول عمرهم إلخ. وعلم النجوم المزعوم ليس غير علم الوراثة – حين يكون علمًا – ممتدًّا على فترات طويلة.

Continue reading