أرشيف التصنيف: فلسفيات

في الحرية العميقة – موسى د. الخوري

في الحرِّية العميقة 1

موسى د. الخوري

موسى د. الخوري*

 

1

تُختَبَرُ الحرية في مواجهة التساؤلات الكبرى، وفي مواجهة النقد الفكري والعلمي الذي يشكِّل مرآة القدرة على التطور والانفتاح والمشاركة.

فعندما نكون أحرارًا في الداخل – في العمق – تتحقَّق الحرية الخارجية كنتيجة للحرية الداخلية. ينطبق ذلك على الفرد، كما ينطبق على الجماعة عندما يزداد عدد الأحرار في ذواتهم، فينهضون بالمجتمع ويحرِّرونه.

Continue reading

عن التسامح والعولمة وأشياء أخرى… – ديمتري أڤييرينوس

عن التسامح والعولمة وأشياء أخرى…*

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

إلى روح الحاج حسين مدخنة

 

كثيرًا ما يجري الحديث في هذه الآونة عن مفاهيم من نحو “التسامح”، “التعايش”، “التجاور السلمي”، إلخ، وكأن احترام التعددية وقبول الآخر المختلف صارا من تقاليدنا الثقافية الراسخة حتى بتنا نحيا جنَّة التفاهم في العالم العربي وعلى الكرة الأرضية بأسرها!

ينطوي الاستعمال الدارج لكلمة “تسامُح”، في الخطاب الثقافي بعامة والديني بخاصة، على رياء مبطَّن. فكأن الأطراف المعنيَّة بهذا الخطاب لا ينفك بعضها “يخطئ” في حقِّ بعضها الآخر، فلا يلبث هذا البعض، على مضض شديد، أن “يسامحه” على خطئه، وكأن شيئًا لم يكن! لكن من الواضح للغاية أن منطق المراءاة هذا غير سليم، ولا يمكن له أن يظل ساري المفعول على المدى الطويل.

Continue reading

في معنى الحياة والموت – ديمتري أڤييرينوس

حـيـاة… مــوت…

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

الحياة طاقة تتجلَّى في ما لا يُحصى عديدُه من الأشكال والبنى المتنوعة، وتختص بالقدرة على تَعْضِيَة organizing المادة (= منحها الخاصية العضوية). وحين تنسحب طاقة الحياة يتوقف التعضِّي organization وتأخذ البنية التي كانت تلك الطاقة تسري عبرها في التحلُّل – هذا ما يسمِّيه الناس الموت.

Continue reading

كانط: فيلسوف كرامة الإنسانية – جان-ماري مولر

عمانوئيل كانط
فيلسوف كرامة الإنسانية

جان-ماري مولر

جان-ماري مولِّر*

 

في التوطئة التي عقدها عمانوئيل كانط على كتابه عقيدة الحق طرح الفيلسوف “مسألة معرفة إنْ كان من الممكن فعلاً وجودُ أكثر من فلسفة“. لا مناص، أولاً، من ملاحظة أنه قد وُجِدَتْ طُرُقٌ عديدةٌ للتفلسف، وأن هذه الطرق متنوعة وغالبًا متناقضة، وأنه كان لا بدَّ للأمر من أن يكون كذلك لأن كلَّ واحدة من هذه الطرق “ذات جدارة”. لكنه يؤكد أنه لمَّا كان لا يمكن أن يوجد “إلا عقل إنساني واحد فقط فليس من الممكن لفلسفات عديدة أن توجد”[1]. ذلك أن من قبيل التناقض بالفعل القبولَ بإمكان وجود فلسفتين صحيحتين تتناولان الموضوعات نفسها.

Continue reading

شاعران – ألان

شـاعـران*

ألان

ألان**

 

إنها لَصداقةٌ جميلة صداقةُ گوته[1] وشيلِّر[2]، تلك التي نراها في مراسلاتهما. كلٌّ منهما يسعف الآخر بالعون الوحيد الذي يمكن لفطرة ما أن تنتظره من فطرة أخرى، ألا وهو أن تُقِرَّها الفطرةُ الأخرى على ما هي عليه ولا تطلب منها إلا أن تبقى هي هي. قبولك الموجودات كما هي لا فضل فيه، ولا بدَّ للأمر دومًا من أن يؤول إلى هذا القبول؛ أما أن تريدها كما هي، فهي ذي المحبة الحق. هذان الرجلان إذن – وكلٌّ منهما يدفع إلى الخارج بطبيعته المستكشِفة – اجتمعا على الأقل على رأي مفاده أن الفوارق جميلة، وأن القيم لا تتدرَّج من الوردة إلى الحصان، بل من الوردة إلى الوردة الجميلة، ومن الحصان إلى الحصان الجميل. يقال فعلاً إنه لا يجوز الاختلاف على الأذواق، وذاك صحيح إذا كان الواحد يفضِّل الوردة بينما يفضِّل الثاني الحصان؛ لكن النقاش حول ماهية الوردة الجميلة أو الحصان الجميل جائز لأن التوافق عليها ممكن. بيد أن هذا المثال لا يزال مثالاً مجردًا، على كونه يسير في الاتجاه الصحيح، لأن موجودين كهذين [الوردة والحصان] لا يزالان رهينَي النوع أو رهينَين لنا ولحاجاتنا. ما من أحد يدافع عن الموسيقى ولا عن الرسم؛ لكن النقاش حول اللوحة الأصيلة والنسخة المزوَّرة مفيد: إذ به تستبين في الأولى علاماتُ الفطرة الحرَّة والناشئة من عمقها هي، وفي الثانية نُدوبُ العبد والنشوء بواسطة الفكرة الخارجية. لا بدَّ أن كلا شاعرينا شعر بهذه الفوارق في رأس ريشته. وما يستحق الإعجاب هو أنهما، وهما يتحاجَّان ويتحادثان غالبًا في الكمال وفي المثال، لم يضيِّع أيٌّ منهما قط، ولا لحظة واحدة، عبقريتهما الخاصة. صحيح أن كلاً منهما ينصح للآخر بما معناه: “لو كنت مكانك لفعلت كذا”، لكن كلاً منهما، في الوقت نفسه، يصرِّح لَبِقًا بأن ما ينصح به للآخر لا يصلح للآخر. والآخر، جوابًا، يردُّ النصيحة بقوة إلى الناصح، عازمًا على البحث بسُبُله الخاصة.

Continue reading

اليأس – ألان

في اليأس*

ألان

ألان**

 

قال أحدهم: “الماكر لا يقتل نفسه لسبب بهذه التفاهة.” إنها ليست أول مرة، ولا آخر مرة، يظن فيها امرؤ شريف أنه مجلَّل بالعار، فينتحر، فيبكيه أولئك بعينهم الذين كان يظنُّهم يحتقرونه. تراني لا أزال أبحث، بخصوص هذه الفاجعة التي سوف تبقى ماثلة طويلاً في ذاكرتنا، عما يجعل امرءًا يريد أن يكون بارًّا وعاقلاً يبدو غالبًا كأنه لم يروِّض بعض الأهواء إلا لتهاجمه أهواءٌ أخرى وتصرعه؛ ولا أزال أبحث كذلك عن الخواطر التي يمكن له بها أن يكافح اليأس.

Continue reading

السعادة والفضيلة – ألان

السعادة والفضيلة*

ألان

ألان**

 

هناك نوع من السعادة لا يتشبَّث بنا بأكثر مما يتشبَّث المعطف. كذا هي سعادة الورث أو الربح في اليانصيب؛ وكذلك سعادة المجد، لأنها منوطة بلقاءات. أما السعادة المنوطة بمقدراتنا الخاصة فهي، على العكس، مدمجة فينا، ونحن نصطبغ بها بأحسن مما يصطبغ بالقرمز الصوفُ. حكيم الأزمنة القديمة، إذ نجا من الغرق ووطئ البر عاريًا كما ولدته أمُّه، قال: “أحمل ثروتي كلَّها معي.” كذا كان ڤاگنر يحمل موسيقاه، وكان ميكلانجلو يحمل جميع الصور السامية التي كان بوسعه رسمها. والملاكم لديه، هو الآخر، قبضتاه وساقاه وثمرة أعماله كلها، خلافًا للفائز بإكليل أو بمال. غير أن ثمة وسائل عدة لكسب المال، ومَن يجيد “جني المال”، كما يقال، لا يزال غنيًّا بذاته في اللحظة التي يخسر فيها كلَّ شيء.

Continue reading