أرشيف التصنيف: ج. كريشنامورتي

الذهن الديِّن والجمال – ج. كريشنامورتي

الذهن الديِّن والجمال*

ج. كريشنامورتي

ج. كريشنامورتي

 

الاتصاف بذهن ديِّن يتطلب الجمال أو يقتضيه أولاً. والجمال ليس في شكل بعينه – في وجه جميل، في أسلوب عيش جميل، إلى آخره. فما هو الجمال؟ من دون ذاك ما من حقيقة ثمة، ما من محبة؛ من دون الجمال ما من حسٍّ خُلقي. فالجمال بحدِّ ذاته هو الفضيلة. سنتقصى الآن معًا ماهية الجمال. قد يصوغه المتكلم في كلمات، لكن عليك أن تتحمل مسؤولية تقصِّي ماهية الجمال بنفسك.

Continue reading

العلاقة مع الطبيعة – ج. كريشنامورتي

علاقة “صائبة” مع الطبيعة؟*

ج. كريشنامورتي

سؤال: ما معنى العلاقة الصائبة مع الطبيعة؟

كريشنامورتي: لا أدري إنْ كنت قد اكتشفت علاقتك مع الطبيعة. ليست هناك علاقة “صائبة”، هناك فقط فهم العلاقة. العلاقة الصائبة، شأنها شأن الفكر “الصائب”، تلمِّح إلى مجرد قبول صيغة جاهزة. الفكر الصائب والتفكير السليم أمران مختلفان: الفكر الصائب مجرد انصياع لما هو صواب، لما هو محترم، بينما التفكير السليم عبارة عن حركة؛ إنه وليد الفهم، والفهم لا ينفك يجري عليه تعديل، تغيير. بالمثل، هناك فرق بين العلاقة الصائبة وبين فهم علاقتنا مع الطبيعة. فما هي علاقتك مع الطبيعة؟ – الطبيعة بما هي الأنهار، الأشجار، الطيور الرشيقة الطيران، الأسماك في الماء، المعادن في جوف الأرض، الشلالات والبرك الضحلة. ما هي علاقتك بها؟ أغلبنا غير واعٍ لتلك العلاقة. ترانا لا ننظر أبدًا إلى شجرة، وإذا فعلنا، فبقصد استعمال تلك الشجرة، إما للجلوس في فيئها وإما لتقطيعها إلى ألواح. بعبارة أخرى، ننظر إلى الأشجار بقصد الانتفاع منها؛ لا ننظر أبدًا إلى شجرة من غير إقحام أنفسنا والاستفادة منها لمصلحتنا. ونحن نعامل الأرض ومواردها بالطريقة عينها. ليس هناك محبة للأرض، هناك تسخير للأرض وحسب. فلو أحبَّ المرءُ الأرضَ حقًّا لاقتصد في استعمال أشياء الأرض. أي أننا، لو كان لنا أن نفهم علاقتنا مع الأرض، لوجب علينا أن نكون شديدي الحرص في استعمالنا أشياء الأرض.

Continue reading

شجرة – ج. كريشنامورتي

شــجرة
من كريشنامورتي لنفسه
*

ج. كريشنامورتي

25 شباط [1983]

ثمة شجرة قرب النهر، مافتئنا نراقبها يومًا بعد يوم طوال عدة أسابيع والشمس على وشك الشروق. بينما تشرق الشمس بطيئةً فوق الأفق، فوق الأشجار، تصير هذه الشجرة بعينها، على حين غرة، ذهبية. الأوراقُ كلُّها ساطعةٌ حياةً، وبينما أنت تراقبها والساعات تمرُّ – تلك الشجرة التي لا يهمُّ اسمُها، فما يهمُّ هو تلك الشجرة الجميلة –، تبدو المراقبة وكأنها تنشر خاصية خارقة فوق الأرض كلها، فوق النهر. وبينما الشمس ترتفع أعلى قليلاً، تبدأ الأوراق بالرفرفة، بالرقص. وتبدو كل ساعة وكأنها تمنح تلك الشجرة صفة مختلفة. تراها قبل أن تشرق الشمس تتصف بمسحة داكنة، هادئةً، نائيةً، ممتلئةً عزَّة. ومع بدء النهار، فإن الأوراق، والضياءُ يحلُّ عليها، تتراقص وتمنحها ذاك الشعور العجيب الذي يشعر به المرء حيال الجمال العظيم. وعند انتصاف النهار، يكون فيؤها قد دكن، وبوسعك أن تجلس فيه متَّقيًا الشمس، غير شاعر بالوحشة أبدًا، مستأنسًا برفقة الشجرة. وأنت جالس هناك، تنعقد علاقة أمان عميق مستديم وحرية وحدها الأشجار بمستطاعها أن تعرفها.

Continue reading

الآخرية – ج. كريشنامورتي

الآخـريَّـة
من مفكرة كريشنامورتي*

ج. كريشنامورتي

 

24 تشرين الأول [1961]

كان القمر موشكًا على الصعود فوق التلال، عالقًا في غيمة متلوِّية طويلة تضفي عليه هيئة خرافية. كان ضخمًا، يقزِّم التلال والأرض والمراعي الخضراء؛ الفضاء حيث يصعد كان أصفى، مع عدد أقل من الغيمات، لكنه سرعان ما توارى بين السحائب القاتمة المحمَّلة بالمطر. ثم بدأت السماء تمطر رذاذًا وكانت الأرض مسرورة؛ إذ قلما يهطل المطر هنا وكل قطرة يُحسَب لها حساب. بوسع [شجرات] البَنْيان الكبيرة والتمر الهندي والمنگة أن تناضل للبقاء، أما صغار النباتات ومحصول الرز فكانت مبتهجة حتى بمطر شحيح. لسوء الحظ، حتى القطرات القليلة توقفت، والقمر الآن كان يسطع في سماء صافية. كان المطر يهطل غزيرًا على الساحل، لكنْ هنا، حيث الحاجة إليه ماسة، ترى السحائب المحمَّلة بالمطر قد ولَّت. كان مساءً جميلاً، وكانت ثمة ظلالٌ داكنةُ القتامة ذات أشكال عديدة. كان القمر شديد البريق والظلال ساكنة للغاية، وأوراق الشجر، وقد اغتسلتْ، تتلألأ.

Continue reading

اللاعنف بين گاندهي وكريشنامورتي – ديمتري أڤييرينوس

هل اللاعنف = “لا” للعنف؟
بين ج. كريشنامورتي وم. ك. گاندهي*

 

ديمتري أڤييرينوس

 

ج. كريشنامورتي وموهنداس ك. گاندهي شخصيتان منيفتان من القرن العشرين. كلاهما ولد في الهند وتعلَّم في الغرب، وكان لتعاليمهما ولفلسفتيهما وَقْعٌ من العالمية والشمول بحيث صارت موضع تقصٍّ واسع النطاق في العالم أجمع؛ وكلاهما كان مجاهدًا في طلب الحقيقة. قد يبدوان خارجيًّا، من حيث أسلوب الحياة، مختلفين جدًّا، لكن علينا أن نتخطى المظاهر الخارجية حتى نفهم مغزى حياة كلٍّ منهما فهمًا عميقًا. ومنه، ليس بنيتي أن أعقد مقارنة بين الرجلين، ولا أن أقوِّم أيهما أعظم – فمن القحة، أولاً، أن نفترض في نفسنا القدرة على الحكم على أي إنسان أو قياسه بمسطرتنا؛ ناهيكم عن أن مثل هذا المسعى مسعى عقيم لأن محاولة المقارنة بين إنسانين عظيمين وتعيين “مرتبة” لكلٍّ منهما على سلَّم متخيَّل للتحقق الروحي والإنساني لا يقودنا أصلاً إلى فهم أعمق لأنفسنا، في أنفسنا، بأنفسنا. الأجدر بنا، إذن، أن نتوقف عند ما يمكن لنا أن نتعلمه من تعليم كلٍّ منهما، أولاً، ومن حياته، ثانيًا.

Continue reading

الذهن والفطنة – ج. كريشنامورتي

الذهن والفطنة*

ج. كريشنامورتي

ج. كريشنامورتي

 

نحن نتحادث حول طبيعة الذهن وقدراته الخارقة. إذ مافتئنا، نحن البشر، طوال الآلاف تلو الآلاف من السنين، نختزل هذه القدرة إلى حقل ضيق ومحدود للغاية. لقد اخترعتْ هذه الطاقة الذهنية الهائلة أشياء مدهشة من الناحية التكنولوجية: لقد ذهب الناس إلى القمر، واستكشفوا أعماق البحر، واخترعوا أكثر الأشياء شيطانية؛ وقد جلبوا كذلك منافع جمَّة في مجال الطب والجراحة. لكن هذه الطاقة الهائلة مافتئت تُقلَّص، يُحَدُّ منها، يُضيَّق عليها، حتى باتت حياتنا أساسًا – إذا رصدَها المرءُ عن كثب – حقل صراع، حقل نزاع، منطقة يتعادى فيها البشر، يدمِّرون بعضهم بعضًا؛ وهم لم يدمِّروا بشرًا وحسب، بل تراهم يسخِّرون الأرض والبحار أيضًا. فعل سخَّر يعني استخدام الآخر قهرًا للمنفعة الشخصية. وهذا التسخير يستمر في كل حقل من حقول الحياة.

Continue reading

ابْقَ بعيدًا – ج. كريشنامورتي

ابْـقَ بـعـيـدًا
من مفكرة كريشنامورتي*

ج. كريشنامورتي

 

لا يجوز لك أبدًا أن تظل هنا أكثر مما ينبغي؛ كن من البعد بحيث لا يكون بمستطاعهم أن يجدوك، أن يمسكوا بك ليشكِّلوك، ليُقَوْلبوك.

كن بعيدًا جدًّا، كالجبال، كالهواء غير الملوث؛ كن من البعد بحيث لا يكون لك أهل، ولا علاقات، ولا أسرة، ولا وطن؛ كن من البعد بحيث لا تعرف حتى أين أنت.

إياك أن تدعهم يعثرون عليك؛ إياك أن تحتك بهم احتكاكًا ألصق مما ينبغي.

Continue reading