أسرار حرف النون*
رونيه گينون**
جاء في مستهل سورة القلم: "ن والقلم وما يسطرون"؛ وهو قَسَم بالعلم والتعليم والكتابة التي من شأنها الرفعة والخروج إلى النور (ولادة) بعد معاناة الظلمات والبطون فيها (موت). وبين المفسرين الأعلام اختلاف في تفسير ن: فسرها بعضهم بالدواة لملاءمة القلم المُقسَم به؛ وفسرها فريق آخر بالحوت؛ وفسرها آخرون تفسيرات شتى يجدر الرجوع إليها، ولهم في ذلك اجتهادات. وتفسيرها بالدواة يرجع إلى شكل الدواة التي على هيئة الكوب، والنقطة في وسطها رأس القلم المغموس في المداد الذي هو مادة العلم وهو أصل الحياة الروحية. وفي تفسير روح المعاني للعلامة الآلوسي أن الظاهر من كلام المفسرين أن الدواة ليست عبارة عن الدواة المعروفة، بل هي دواة خُلقت يوم خلق ذلك القلم المقسَم به، وهو قلم اللوح المحفوظ. هذا وقد جاء في ختام السورة خطاب للرسول: "فاصبر لحكم ربِّك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربِّه لنُبذَ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربُّه فجعله من الصالحين" (الآيات 48-50). وقد وُصف النبي يونس – عليه السلام – هنا بأنه "صاحب الحوت"، وورد وصفه "ذا النون" في سورة الأنبياء (الآية 87).
ف.ص.
* * *
حرف النون هو الحرف الرابع عشر في كلتا الأبجديتين العربية والعبرية[1]، وقيمته العددية 50؛ لكنه في الأبجدية العربية يشغل، فضلاً عن ذلك، منزلة ملحوظة بصفة أخص لأنه يختتم النصف الأول من حروف هذه الأبجدية التي يبلغ مجموعها 28 حرفًا، على حين أن عدد حروف الأبجدية العبرية 22 حرفًا. أما بخصوص توافقاته الرمزية، فهو يُعَدُّ، في المنقول الإسلامي خاصة، تمثيلاً للحوت؛ إذ يتوافق عندئذ مع المعنى الأصلي لكلمة نون نفسها التي تدل على الحوت والتي تعني أيضًا "سمكة"؛ وبسبب هذه الدلالة بالذات دُعي سيدنا يونس (النبي يونان) ذا النون. وهذه التسمية ذات صلة طبيعية بالرمزية العامة للسمكة، ولاسيما بجوانب معينة منها نظرنا فيها هاهنا في الدراسة السابقة[2]، وبخاصة، كما سنرى فيما يلي، رمزية "السمكة المخلِّصة"، أكانت الـمتسيا أڤتارا Matsya-avatāra في المنقول الهندوسي[3] أو الـإخثيس Ichtus عند المسيحيين الأوائل[4]. فالحوت، بهذا الصدد، يؤدي أيضًا الدور نفسه الذي يؤديه الدلفين في غير مكان، وهو، مثله، يوافق في دائرة البروج برج الجدي، من حيث كونه بابًا انقلابيًّا يفضي إلى "طريق الطالع". وربما كان التشابه أقوى ما يكون مع الـمتسيا أڤتارا، كما تبيِّن ذلك الاعتبارات المأخوذة من شكل حرف النون، لاسيما عند مقارنتها بقصة النبي يونان التوراتية.
ولكي يُفهم المقصودُ حق فهمه، يلزمنا أولاً أن نتذكر أن ڤشنو Vishnu، حين تجلَّى على هيئة السمكة (متسيا Matsya)، أمر ستياڤرتا Satyavrata، الذي صار المَنو ڤيڤسوتا Manu Vaivaswata، ببناء الفُلْك التي حُبستْ فيها جراثيمُ حياة العالم الآتي، وأنه، على تلك الهيئة عينها، يقود الفُلْك فوق لجة المياه في أثناء النازلة الكبرى التي عينت الفاصل بين دهرين (منڤنترا manvantara) متواليين[5]. إن دور ستياڤرتا هذا يشبه دور سيدنا نوح؛ إذ إن فُلْكه تحوي، كفُلْك نوح على حدٍّ سواء، جميع العناصر التي ستفيد في إعادة بناء العالم بعد الطوفان. وليس مهمًّا إذ ذاك أن يختلف تطبيقه في الكتاب المقدس، من حيث إن الطوفان التوراتي، في دلالته الأكثر مباشرة، يبدو وكأنه يحدد بداية دور أصغر من أدوار الـمنڤنترا؛ فحتى لو لم يكن الحدث هو نفسه في كلتا الحالتين، فهما على كل حال حدثان متقايسان تمامًا، تهلك فيهما حال سابقة للعالم لتحل محلها حال جديدة[6]. فإذا قارنا الآن قصة يونس بما ذكَّرنا به لتوِّنا، لرأينا أن الحوت، بدل أن يؤدي دور السمكة التي تقود الفُلْك، يتماهى في الواقع مع الفُلْك نفسها: فبالفعل، بقي يونس محبوسًا في بطن الحوت، كما بقي ستياڤرتا ونوح كلاهما في الفُلْك طوال فترة هي أيضًا بالنسبة إليه، إنْ لم تكن كذلك بالنسبة إلى العالم الخارجي، فترة "إظلام" تُوافق الفاصل بين حالين أو كيفيتين كونيتين. وهنا أيضًا الفارق ثانوي وحسب، حيث إن الصور الرمزية، كما هو شأنها في واقع الأمر دومًا، قابلة لتطبيق مزدوج: تطبيق كوني أكبري وتطبيق كوني أصغري. ونحن نعلم، من ناحية أولى، أن خروج يونس من بطن الحوت اعتُبر دائمًا رمزًا للقيامة، أي للعبور إلى حال جديدة؛ وهذا يلزم تقريبُه، من ناحية ثانية، من معنى "الولادة" الذي يرتبط، في القبالة العبرانية بالأخص، بحرف النون، والذي ينبغي فهمه روحيًّا بوصفه "ولادة جديدة"، أي تجديدًا روحيًّا للموجود الفردي أو الكوني.
هذا ما يدل عليه دلالة واضحة للغاية رسمُ حرف ن العربي: فهذا الحرف مكوَّن من النصف السفلي لدائرة، ومن نقطة هي مركز هذه الدائرة نفسها. وهكذا فإن نصف الدائرة السفلي هو أيضًا على هيئة الفُلْك الطافية على المياه، والنقطة في باطنه تمثِّل جرثومة الحياة المحتواة في الفُلْك أو المغلَّفة بها؛ وموقع هذه النقطة المركزي يبيِّن، إلى ذلك، أن المقصودة في الواقع هي "جرثومة الخلود" أو "النواة" التي لا تهلك، فتنجو من التحلُّلات الخارجية كافة. كما يمكن لنا أن نلحظ أن نصف الدائرة هذا، بتقعُّره نحو الأسفل، إنما هو أحد المكافئات المختصَرة للكوب؛ فله إذن، مثله، على نحو ما، معنى الرحم التي تنطوي على تلك الجرثومة التي لم تنمُ بعدُ والتي تتماهى، كما سنرى فيما يلي، مع النصف الأسفل أو "الأرضي" من "بيضة العالم"[7]. وتحت مظهر العنصر "المنفعل" passif هذا للصيرورة الروحية transmutation spirituelle، يمثِّل الحوت أيضًا، على نحو ما، لصورة كل فردية، من حيث إن هذه الفردية حاملة لـ"جرثومة الخلود" في مركزها الذي يتمثل رمزيًّا بالقلب. ونستطيع أن نذكِّر، بهذا الصدد، بالصلات الوثيقة، التي سبق لنا أن عرضنا لها في مناسبات أخرى، بين رمزية القلب وبين رمزية الكوب ورمزية "بيضة العالم"[8]. إن نمو هذه الجرثومة الروحية يتضمن أن الموجود يخرج من حاله الفردية ومن الوسط الكوني الذي هو المجال الخاص به، مثلما أن يونس، لدى خروجه من بطن الحوت، "يُبعث" نشأة جديدة. وإذا ما تذكَّرنا ما كتبنا أعلاه، لفهمنا من غير مشقة أن هذا الخروج هو نفسه الخروج من كهف المُسارَرة initiation الذي يمثَّل لتقعُّره نفسه بنصف الدائرة التي يُرسَم بها حرفُ النون. فـ"الولادة الجديدة" تقتضي بالضرورة موتًا عن الحال السابقة، سواء كان المقصود فردًا أو عالَمًا؛ إذ إن الموت والولادة (أو القيامة) هما وجهان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، لأنهما في الواقع ليسا سوى الوجهين المتقابلين للتغيُّر عينه في الحال.
والنون في الأبجدية تلي مباشرة الميم التي من جملة معانيها الرئيسية معنى الموت[9]، والتي يمثل شكلُها م الكائنَ منطويًا تمامًا على نفسه، مختزَلاً، نوعًا ما، إلى كمون محض يوافقه شعائريًّا موقف السجود؛ ولكن هذا الكمون، الذي قد يبدو فناءً وقتيًّا، سرعان ما يصير، عبر تركيز جميع الممكنات الذاتية للموجود في نقطة فريدة لا يمسُّها الفناء، الجرثومة ذاتها التي تخرج منها تحقُّقاته كافة بأحوال الوجود العليا[10].
جدير بالقول إن رمزية الحوت ليس لها جانب "ميمون" فقط، بل لها أيضًا جانب "مشؤوم"، الأمر الذي، عدا الاعتبارات العامة لازدواجية معنى الرموز، يبرَّر بصفة أخص بارتباطه بصورتَي الموت والبعث اللذين يظهر عليهما كل تغيُّر في الحال، حسب النظر إليه من جانب أو آخر، أي بالنسبة إلى الحال السابقة أو الحال اللاحقة. ومنه، فإن الكهف هو، في الآن نفسه، مكان للدفن ومكان "ولادة جديدة"؛ وفي قصة يونس يؤدي الحوت هذا الدور المزدوج بعينه. كذلك، أليس بوسعنا القول إن الـمتسيا أڤتارا نفسه يتمثل أولاً في مظهر ضارٍّ[11] يُنذر بوقوع النازلة، قبل أن يصبح "المخلِّص" من هذه النازلة عينها؟ من ناحية أخرى، فإن المظهر "المشؤوم" للحوت ينتسب انتسابًا واضحًا إلى اللوياثان العبراني[12]؛ لكنه متمثِّل خاصةً، في المنقول العربي، بكوكبة بنات الحوت التي تكافئ، من وجهة النظر الفلكية، راهو Rāhu وكيتو Kētu في المنقول الهندوسي، ولاسيما فيما يتعلق بالكسوف[13]، ويقال إنهن سوف "يشربن البحر" في آخر أيام الدور، يوم "تشرق الكواكب من المغرب وتغرب من المشرق". ولا نستطيع أن نتوسع أكثر في هذه النقطة دون أن نخرج تمامًا من موضوعنا؛ لكننا يجب، على الأقل، أن نلفت الانتباه إلى أننا نقع هنا أيضًا على صلة مباشرة بنهاية الدور الكوني وتغيُّر الحال الذي يتبعه، لأن لذلك دلالة عظيمة تضيف توكيدًا جديدًا إلى الاعتبارات السابقة.
لنعد الآن إلى شكل الحرف نون الذي يجيز ملاحظة هامة من جهة العلاقات القائمة بين أبجديات مختلف الألسن النقلية: ففي "الأبجدية" السنسكريتية، يقابل النونَ حرفُ نا na الذي، إذا أرجعناه إلى عناصره الهندسية الأساسية، لوجدناه أيضًا يتألف من نصف دائرة ونقطة ন؛ لكن التحدُّب هنا متَّجه إلى الأعلى، بما يجعل منه نصف الدائرة العلوي، وليس النصف السفلي، كما في النون العربية. فهو إذن الصورة نفسها، لكنْ موضوعة في شكلها المقلوب[14]؛ أو لنقل، بالأصح، إنهما صورتان متتامتان بكل دقة: بالفعل، إذا جمعنا بينهما، تندغم النقطتان المركزيتان اندغامًا طبيعيًّا، فنحصل على الدائرة تتوسطها نقطة المركز ، ممثِّلة للدور التام؛ وهي، في الوقت نفسه، رمز الشمس على الصعيد الفلكي ورمز الذهب على الصعيد الكيميائي[15]. وكما أن نصف الدائرة السفلي يرمز إلى الفُلْك، فإن النصف العلوي يرمز إلى قوس قزح الذي "يناظرها" بالمعنى الأدق للكلمة، أي بتطبيق "الاتجاه المعكوس"؛ وهما أيضًا نصفا "بيضة العالم": نصفها الأول "الأرضي" في "المياه الدنيا"، والآخر "السماوي" في "المياه العليا". والشكل الدائري، الذي كان تامًّا في بدء الدور، قبل انفصال هذين النصفين، لا بدَّ أن يعود ويتركَّب ثانية في نهاية الدور نفسه[16]. يجوز لنا القول، إذن، إن اجتماع الصورتين اللتين نحن بصددهما يمثل اكتمال الدور، وذلك بالوَصْل بين بدايته ومنتهاه، ولاسيما أننا، إذا ما حملناهما بخاصة على محمل الرمزية "الشمسية"، فإن صورة النا السنسكريتية توافق الشمس الشارقة وصورة النون العربية تقابل الشمس الغاربة. من ناحية أخرى، فإن صورة الدائرة التامة هي عادة رمز العدد 10 أيضًا، حيث المركز هو 1 والمحيط 9، لكنها هنا، بوصفها حاصل جمع نونين اثنتين[17]، تساوي 2 × 50 = 100 = 10 × 10، مما يدل على أن الوَصْل يجب أن يتم في "العالم الأوسط"؛ إذ إن الوَصْل محال في العالم السفلي الذي هو مجال الانقسام و"الفَرْق"، بينما هو، بالمقابل، موجود دائمًا في العالم العلوي، حيث يتحقق من حيث المبدأ، بكيفية سرمدية دائمة، في "الآن الدائم"[18].
لن نضيف إلى هذه الملاحظات، التي طالت أصلاً، إلا كلمة واحدة نثبت بها الصلة بمسألة أشرنا إليها مؤخرًا[19]: إن ما قلناه لتوِّنا يجيز استشفاف أن تمام الدور، كما نظرنا فيه، لا مناص من أن يكون على ارتباط، على صعيد التاريخ، بالتقاء شكلين نقليَين يوافقان مبدأه ومنتهاه، لساناهما الشريفان، على التوالي، هما اللسان السنسكريتي واللسان العربي: المنقول الهندوسي، بصفته يمثِّل الميراث الأقرب مباشرة إلى المنقول القديم Tradition primordiale، والمنقول الإسلامي بصفته "خاتَم النبوة"، وبالتالي، الشكل الأخير للأرثوذكسية النقلية للدور الحالي.
المترجمة عن الفرنسية: فاطمة عصام صبري
مدقِّق الترجمة: ديمتري أڤييرينوس
* Études traditionnelles, août-septembre 1938 ; repris dans René Guénon, Symboles de la Science sacrée, Gallimard, 1962, pp. 154-158.
** فيلسوف فرنسي (1886-1951)، ولد في بلوا (فرنسا) وتوفي بالقاهرة. شُغف بالروحانيات منذ حداثة سنِّه، فدفعه حب الاستطلاع إلى اختبار معظم مدارسها الحديثة، حتى اهتدى أخيرًا إلى تصور متكامل عن وحدة المنقولات الأصيلة في العالم قاطبة، بوصفها تعبيرات متنوعة متفرعة عن "منقول قديم" Tradition Primordiale واحد، فاطمأن إليه وراح، بالتوازي مع حياة باطنية غنية، يكتب فيه المقالات والكتب والرسائل، مؤسِّسًا بذلك لمذهب "نقلي" traditionnaliste مازال أثرُه ساري المفعول حتى يومنا هذا. من مؤلفاته الكثيرة الهامة: الإنسان ومآله بحسب الڤيدنتا، أزمة العالم الحديث، رمزية الصليب، الثالوث الأكبر، لمحات عن المُسارَرة. (المحرِّر)
[1] وفقًا لترتيب "أبجد هوز". (المحرِّر)
[2] Cf. René Guénon, « Quelques aspects du symbolysme du poisson », dans Symboles de la Science sacrée, pp. 149-153.
[3] اسم مَتْسِيا يعني بالسنسكريتية "سمكة"؛ وهو أول "التنزيلات" avatāra العشرة للإله ڤشنو Vishnu. وفي "تنزيل" أو تجلِّي السمكة هذا، يخلِّص ڤشنو العالمَ من الطوفان الكبير. (ف ص)
[4] معنى كلمة إخثيس باليونانية "سمكة"؛ وحروفها ΙΧΘΥΣ أوائل ألفاظ تتألف منها عبارة يونانية تفيد: "يسوع المسيح ابن الله مخلِّص". ومنه، غدت السمكة رمزًا إلى المسيح عند المسيحيين الأوائل. (المحرِّر)
[5] منڤنترا manvantara كلمة سنسكريتية تُطلق، في علم الكونيات الهندوسي، على كلٍّ من العصور الأربعة عشر التي تشكل الدور الكوني kalpa؛ وكلُّ واحد من هذه العصور يحكمه Manu، أي ذرية إنسانية. (المحرِّر)
[6] Cf. René Guénon, Le Roi du Monde, ch. 11.
[7] عبر تقريب عجيب، نلحظ أن معنى الرحم (الـيوني yoni بالسنسكريتية) موجود ضمنًا في كلمة ذلفِس delphus اليونانية، التي هي بنفس الوقت اسم الدلفين.
[8] Cf. René Guénon, « Le Cœur et l’Œuf du Monde », dans Symboles de la Science sacrée, pp. 209-212.
[9] يقال ميمَ الرجل، على البناء للمجهول، مَوْمًا: أصابه الموم أي البرسام، وهو التهاب الصدر؛ والموم أيضًا: أشد الجدري؛ والمومياء: الجثمان المحنط؛ والموماة: الفلاة التي لا ماء فيها ولا أنيس. (ف ص)
[10] من الطريف أن نلفت النظر هنا إلى أن الكاف واللام والميم والنون متلاحقة ومتلازمة في أكثر أبجديات العالم K-L-M-N. وعندنا أن "كلمن"، أي الكلام واللغة، مطية الفكر ورسول المعرفة. (ف ص)
[11] نذكِّر هنا بأن الضار من الأسماء الحسنى في الإسلام. (المحرِّر)
[12] على الرغم من أن للمكارا Makara الهندوسي، وهو أيضًا مسخ بحري، قبل كل شيء، معنى ميمونًا يتعلق ببرج الجدي الذي يشغله من فلك البروج، فإن له، في كثير من التصاوير، بعض السمات التي تذكِّر بالرمزية "الإعصارية" للتمساح.
[13] يفسَّر كسوف الشمس، في المعتقد الشعبي الشائع، بابتلاع الحوت إياها ونهاية الكسوف بلفظه لها. (المحرِّر)
[14] من الملاحظ أن الرياضيين يكتبون بالعربية حرف النون بالمقلوب. (المحرِّر)
[15] يمكن لنا أن نتذكر هنا رمزية "الشمس الروحية" و"المضغة الذهبية" (هرنياگربها Hiranyagarbha) في المنقول الهندوسي؛ فضلاً عن ذلك، فإن النون، بمقتضى توافقات أخرى، هي حرف فلك الشمس.
[16] Cf. René Guénon, Le Roi du Monde, ch. 11.
[17] جاء في بداية المقال أن النون في حساب الجمَّل تساوي 50؛ ونلاحظ أن رسم هذا العدد بالرقم الهندي يشتمل على النقطة والدائرة التامة اللتين أشار إليهما گينون كرمز إلى الدور الكوني التام. (المحرِّر)
[18] "هو امتداد الحضرة الإلهية الذي يندرج به الأزل في الأبد، وكلاهما في الوقت الحاضر، لظهور ما في الأزل على أحايين الأبد، وكون كلٍّ منها مجمع الأزل والأبد، فيتحد به الأزل والأبد والوقت الحاضر. فلذلك يقال له باطن الزمان وأصل الزمان، لأن الآنات الزمنية نقوش عليه وتغيرات تظهر بها أحكامُه وصورُه، وهو ثابت على حاله دائمًا سرمدًا […]" (الكاشاني، اصطلاحات الصوفية). (المحرِّر)
[19] راجع: F. Schuon, « Le Sacrifice », dans Études traditionnelles, avril 1938, p. 137, note 2 [ف. شووُن، "القربان". المقطع المقصود بهذه الإشارة هو: "… بالعودة إلى الهند، يجوز لنا القول بأنه يبدو أن انتشار منقول أرثوذكسي غريب فيها، هو الإسلام، يشير إلى أن الهندوسية نفسها لم تعد تتصف بملء حيوية أو فاعلية منقول يتوافق توافقًا كاملاً مع شروط عصر دوري بعينه. فهذا التلاقي بين الإسلام، بما هو الإمكانية الأخيرة المتفرعة عن المنقول القديم، وبين الهندوسية، بما هي في الغالب فرعه الأكثر مباشرة، ذو دلالة قوية ويستدعي اعتبارات شديدة التعقيد." (المحرِّر)].