الظواهر والحقيقة – ديمتري أڤييرينوس

الظَّواهر والحقيقة

ديمتري أڤييرينوس

ديمتري أڤييرينوس

 

مَن خَبِرَ العالمَ بنفسه، غير مبالٍ برأي سواه، لا يعلِّم إلا حقيقتين:
حقيقة الباطن وحقيقة الظواهر – ولا توجد حقيقة ثالثة.
سوترا بوذي

 

الإپستمولوجيا (من اليونانية: epistêmê، “علم”، و logos، “عقل”) فرع أساس من فروع الفلسفة مختص بدراسة تاريخ المعرفة ومبادئها ومناهجها؛ إنها، إذن، تتناول نظرية المعرفة والوسائل إليها. لكن أغلب الناس لا يفقهون أهميتها لأنهم ينظرون إلى المسألة برمَّتها من زاوية مغالية في التبسيط؛ فالمعرفة الحقيقية – وهي الحكمة – ليست في واقع الأمر ميسورة المنال، بعكس ما يظنون.

هناك معرفة حقيقية، وأخرى محرَّفة، وهناك انعدام المعرفة أيضًا – شكل من أشكال الوهم أو الضلال المعرفي. فحتى تكون المعرفة “حقيقية” لا بدَّ لها من أن تتطابق وماهية essence الشيء المعروف (“الشيء في ذاته”، بتعبير كانط)؛ فإذا انعدم هذا التطابق هناك إما تحريف وإما وهم. ثمة في التراث الروحي العالمي، وخصوصًا الڤيدنتي الأدڤيتي (“اللاثنوي”) Advaita Vedantā الهندي، أمثلة عديدة معروفة على هذا؛ وبما أن راهنية هذه الأمثلة لا تزال سارية فلا مانع من إيراد واحد منها أو اثنين: إذ نظر أحدهم إلى ظلٍّ وظنَّه رجلاً فهو غير “واهم” لأن هناك أساسًا موضوعيًّا لما يرى؛ كذلك الأمر إذا ظن أن ما يراه حيَّة تسعى، لكنه في الحقيقة حبل: ليس الأمر كما لو أنه ليس ثمة موضوع يقابل فعلاً معرفته الظاهرية؛ إذ إن في الواقع أساسًا لما يبرز في ذهنه، لكن صورته الذهنية لا تتطابق مع الواقع، وبذا يجوز لنا أن نسمِّي المعرفة المتحصَّل عليها من هذه العملية “معرفة محرَّفة”.

هناك أيضًا وهم دماغ محموم يتخيل مختلف صنوف الأشياء: الصور التي تتخلَّله والحوادث التي تجري فيه لا أساس لها من الواقع بتاتًا؛ أو قد يستبدُّ به خاطر لاعقلاني irrational تمامًا، من خارج نطاق الاحتمال أو حتى الإمكان. من الأمثلة الشهيرة على ذلك مثال آخر وارد في أدبيات الڤيدنتا عن شخص يرى أرنبة برية ذات قرنين – شيئًا لا وجود له إلا في دماغ يهلس. في دماغ كهذا، يمكن لأي شيء أن يحدث؛ الأشياء كلها مختلط بعضها ببعض فيه، ويمكن لأشياء مستحيلة أن تقع. وهذه نعلم أنها “أوهام”، لكن الذهاني psychotic أو المختل ذهنيًّا تلتبس عليه هلوساته بالواقع[1].

لا مناص لكل طالب حقيقة من أن يفهم هذا الأمر في أدق دقائقه فهمًا تامًّا. فطريق المعرفة محفوف بالعثرات، والدرب إليها أشبه بحدِّ الموسى، كما يقال. ما أسهل أن نتخيل أن الفهم أو المعرفة في حوزتنا، في حين أن حظَّنا منهما لا يزيد، في كثير من الأحيان، عن “عشم إبليس في الجنة”، كما يقال باللهجة المصرية المحبَّبة. لذا يجب علينا أن نكون متيقظين أبدًا: إن استنطاق يقينيَّاتنا العريقة وإعادة النظر فيها جذريًّا بلا هوادة هو جزء لا يتجزأ من طلب الحكمة.

* * *

لقد أسهب فلاسفة الشرق والغرب ومفكروهما الروحيون جميعًا في تفصيل وسائل المعرفة الحقيقية. والشرق ما انفك واعيًا بأهمية ربط المعرفة الحقيقية بالحياة الروحية والفلسفية. ففي الشرق، لم يُعتَد بالإپستمولوجيا كمنهاج معرفي مستقل، حسبه وظيفةً أن يحرض الذهن على التفكير، بل كان يشدَّد أيضًا على أهميتها العملية لطلاب الحقيقة. في تعداد وسائل المعرفة الصحيحة، يقول بعض العارفين إنها واحدة وحسب، فيما يقبل بعضهم الآخر بوجود خمس وسائل، إلى آخر ما هنالك. لكن هناك، من حيث الأساس، ثلاث وسائل مقبولة لتحصيل المعرفة الحقيقية قلما يشكك فيها أحد، وهي: العقل والإدراك وكلام الحكماء. ومع ذلك، إذا أُخِذَتْ هذه الوسائل فرادى يمكن لأيِّ واحدة منها أن تصير عثرة في طريق السالك، كما سيتبيَّن.

إن أي امرئ متمتع بشيء من تفتُّح الذهن لا بدَّ أن يكون، إلى حدٍّ ما، كائنًا عقلانيًّا rational. فجميعنا نقبل بالمعقولية reasonableness كمعيار للتفكير والعمل والعلاقة والفهم؛ وغالبيتنا، حين تُسأل، تجيب بأن المعقولية شأن هام في الحياة. ثمة عامل راسخ في الذهن السوي يتمرد على اللاعقلاني irrational واللامعقول unreasonable وغير المنطقي illogical.

يقول أفلاطون وأتباع مدرسته بأن العقل noûs يتجاوب تلقائيًّا مع ما كان يعرفه وهو مستغرق في المنبع الأصلي الذي فاض منه أو صَدَرَ. صفات الإله (“الوجود الحق” بالمصطلح الأفلاطوني) هي تلك الصفات التي ينجذب إليها العقل انجذابًا طبيعيًّا؛ وإذا استجاب الذهن والقلب لما هو معقول reasonable و/أو منطقي logical فذلك لأن العقل يتعرف فيه إلى النظام الذي ينتمي حصرًا إلى عالم الحقيقة.

ماذا نعني بقولنا إننا عاقلون reasonable أو عقلانيون rational؟ نعني قطعًا أننا نقبل، عن وعي منا أو عن غير وعي، أن الحياة منظَّمة وأنه من العشوائية والاعتباط لا يخرج كوسموس cosmos (“كون منظم”)، بل خاوُس chaos (“عماء”). وحتى على الصعيد الفيزيائي، نلحظ أن ارتباط العلَّة والمعلول (السبب والنتيجة) هو من القرب والوثوق بحيث يمكن استنباط الواحد من الآخر؛ والإقرار بالعلاقة السببية بينهما هو جزء من عملية التعقُّل reasoning process.

هناك، كذلك، المتلازمات الثابتة invariable concomitants، كما تسمَّى. منها، مثلاً، التلازم الثابت بين الدخان والنار: حيثما وُجِدَ دخان يلزم أن توجد نار (لا دخان بلا نار) – وإن يكن استنتاج وجود الدخان من وجود النار ليس صحيحًا بالضرورة (توجد نار بلا دخان!). العكس لا يصح دومًا إذن؛ لذا ينبغي عدم المضي بهذه القياسات إلى أبعد مما تحتمل.

ثمة في السيرورة العقلانية، أيضًا، إدراك للعلاقات وللمتعاقبات الثابتة invariable sequences. فقولنا إن 2 + 2 = 4 (لأننا برهنَّا على صحة ذلك) إنما هو إدراك لواقع ثابت. لكن من المعلوم، إلى ذلك، أن الأجزاء، مجتمعةً، لا تصنع كلاًّ بالضرورة وأن الكل هو أكثر من مجموع أجزائه: إذا جمعتَ عينين إلى أنف إلى يدين إلى قدمين إلخ فإنك قد تركِّب دمية، لكنك قطعًا لن تصنع كائنًا بشريًّا. ومنه، قد يكون ثمة “عامل زائد” ينفي صحة مساواة 2 + 2 + = 4، مهما بدتْ “منطقية” للوهلة الأولى. ففي قولنا بأن مجموع الأجزاء لا يصنع كلاًّ على الدوام تصريح مضمَر بمظهر من مظاهر الحقيقة هو من العالمية والشمول بحيث يصحُّ اتخاذنا إيَّاه على سبيل التسليم.

بذا فإن إدراكنا لماهية العلاقة الفعلية – العلاقة السببية و/أو الزمنية – ولعلاقة الجزء بالكل، وتوصُّلنا إلى فهم فكري لها، هو العقلانية أو المعقولية[2]. أما الاستقالة من العقل فهي تنحٍّ عن الحقيقة وعن النظام الذي يتأسَّس عليه الكوسموس. لكن مكمن الصعوبة هنا هو في عدم قدرتنا أن نرى في هذا الكوسموس الشاسع كل ما هو موجود والسبل العديدة التي ترتبط بها أجزاؤه بعضها ببعض. زبدة القول إن للعقل أيضًا حدوده الصارمة التي لا يجوز المجازفة بتخطِّيها، تحت طائلة الوقوع في براثن التحريف أو الوهم.

التعقُّل ذو طبيعة رياضية. ومنه، فإن العقل reason الذي يُختزَل إلى معادلات أو أرقام يصير محض تجريد، فيعجز، بهذه المثابة، عن منحنا شعورًا بـالـموجود what is (التعبير لكريشنامورتي). الأشياء في ذاتها، أو الحياة كما هي، كلٌّ واحد لا يمكن لنا إدراكه بمجرد إحاطتنا ذهنيًّا بالعلاقة بين أجزائه وبالقوانين التي تنتظمها. فالحياة تبلِّغنا شيئًا هو من طبيعة الجمال الذي لا مناص لنا من الشعور به واختباره مباشرة – وإلا فلا. فالجمال، على اتصاله الوثيق بالرياضيات، لا يُختبَر بلغة المنطق المجرد وحده، ولا بلغة السبب والنتيجة فحسب.

* * *

مع أن في الكون نظامًا، ففيه أيضًا يكمن اللامتوقَّع الذي لا ينفك يخرق النظام القائم من أجل إبداع نظام جديد. وهذا لا يمكن أن يُعرَف إلا بالإدراك perception المباشر. ومنه، لا يستطيع العقل أن ينحِّي الإدراك تنحية تامة، ولا الإدراك يستطيع أن يلغي العقل تمامًا. لا بدَّ من فهم هذا الأمر حقَّ فهمه لأنه، في حياتنا اليومية، قد يبلغ أحدهما أو الآخر من شدة السيطرة حدَّ تعطيل الفهم. إننا غالبًا ما نحسب أن إدراكنا مساوٍ للمعرفة، وبذا نتوهم أن ما نراه هو “الـ”ـحقيقة بعينها. غير أن إدراك المجنون “معرفة” بنظره، كما سبق أن قلنا. أدوات الإدراك (“آلاته” بالمصطلح الفلسفي العربي) محدودة المدى جدًّا؛ ومع ذلك، فمن السهل أن يخيَّل إلينا أن الصور المنعكسة في ذهننا تعكس حقيقة ما هو موجود فعلاً. وبما أن ما نسمِّيه الإدراك الحسِّي sensory perception هو، في حقيقته، عملية تصنيع للصور في الذهن ليس إلا، وأن كل استجابة حسِّية تتحول في الوعي إلى صورة، فإن ما نعرفه فعليًّا هو الصور وحسب. وهذه الخبرة قد تتطابق مع الواقع، أو قد تكون مجرد إعادة خلط لمحتويات الذهن أصلاً، أو قد يحدث أن تكون شيئًا غير موجود على الإطلاق حتى، كالفيل الطائر أو كالأرنبة البرية القرناء إيَّاها!

كيف لنا أن نعرف أن ما ندركه، إما بالحواس وإما بالذهن، حقيقي؟ هل هو معرفة حقيقية؟ هل هو تحريف أم وهم؟ المادي يقول بأن وحده ما يدركه بحواسه موجود – ولهذا السبب بالذات فهو يعتنق المذهب المادي. إنه يستعمل ذهنه، لكنه لا يدركه؛ ومنه، فإن الذهن بنظره هو ظاهرة ثانوية epiphenomenon من ظواهر المخ أو نتيجة لازمة عن التفاعلات الجارية في الجسم. الجسم، بالطبع، “حقيقي” بنظره، بما أنه يستطيع أن يراه؛ لكن هذا، فيما نرى، موقف يفتقر إلى دقة التحليل الفلسفي أو، في أفضل الأحوال، لا يلمُّ بدقائق الإپستمولوجيا – إذ إننا نعرف مقدار محدودية إدراكنا للأشياء ومبلغ سهولة انقياده إلى الوهم. قد يرى أحدهم في يقظته مختلف صنوف الصور (راما أو العذراء أو محمدًا[3])، وقد يختبر أحلامًا ذات طبيعة غير اعتيادية؛ وما يراه قد لا يكون غير صورة مُسقَطة projected على الخارج بدافع رغبة شديدة مستبدَّة، تعود الحواس فتتلقَّفها إلى الداخل من جديد. لكننا إذا استبعدنا كل خبرة من هذا القبيل إطلاقًا بوصفها “وهمًا” سرعان ما نجد أنفسنا في موقف سلبي تمامًا، عاجزين عن الاستجابة لأي شيء يقع خارج نطاق معرفتنا الراهنة. لذا فإن علينا، كما هو شأننا في حالة العقل، أن نتنبَّه، في الوقت نفسه، إلى كيفية استعمال الإدراك وإلى محدوديته.

* * *

لدينا، أخيرًا، كلام الحكماء (بالسنسكريتية: آپتاڤتشَنَم āptāvachanam). ما من امرئ عاقل حساس يصمُّ أذنيه عن كلام سواه ويطلب الحقيقة بمفرده تمامًا. قد يشهد كوكبنا بين الحين والآخر ولادة أفراد أفذاذ، من قامة الپرَتْيكا بوذا Pratyeka Buddha، يمكن لهم بإعمال فطنتهم وحدها أن يجدوا بمفردهم طريقهم إلى النور وسط الظلمة[4]؛ لكن هؤلاء ثلَّة صغيرة بالضرورة. نحن قطعًا بحاجة إلى “مرجعية” خبرات الآخرين لكي نضع فهمنا ومدركاتنا وخبراتنا على محكِّها – وبئس مصير مَن يتوهم أنه مرجع ذاته في كل شيء!

غير أن كلام الآخرين قد يكون، في كثير من الأحيان، مضلِّلاً: قد نظن أن أحدهم “حكيم”، بينما هو ليس كذلك في الحقيقة؛ ومَن يعتبره أناس كثيرون گورو guru أو معلِّمًا روحيًّا متحققًا ليس، في الغالب، إلا انعكاسًا لرغباتهم: إذا كانوا يرغبون في خوض تجارب خارقة للعادة، أو في الإحساس بالأمان، أو في ضمان آخرة سعيدة في جنان الخلد، فإنهم سرعان ما يقعون على گورو يجسِّد لهم هذه الرغبات[5]. هناك أصلاً مقدار كبير من الوهم في خبراتنا؛ وإذا أردنا أن نحصِّن الذهن ضد التحريف والأوهام لا مهرب لنا من الإصغاء إلى كلمات الذين سبقونا ممَّن لمسنا فيهم نضجًا أو حكمة. لكننا يجب أن نعي بأن ثمة، هاهنا أيضًا، إمكانًا للعثار؛ إذ قد يلتبس علينا الدهاءُ بالنضج والحماقةُ بالحكمة!

الواقع أنه ما من وسيلة من وسائل المعرفة يمكن أن تؤخذ بحدِّ ذاتها. إن من شأن الاستماع إلى كلام “الحكماء” المزعومين، المستند ربما إلى مرجعية الكتب الشريفة، كالإنجيل أو القرآن أو الڤيدا، لكنْ مأخوذًا على محمل الحرف، أن يحوِّل المرء إلى مؤمن أعمى، إلى متعصب أحمق يستنكف من إعمال عقله، فيتنكَّر لإدراكه نفسه. قد يصادف هذا “المؤمن” في حياته شخصًا يتفوق عليه من نواحٍ عديدة ويتصف بخِلال وفضائل ممتازة؛ لكنْ لأن هذا الأخير يهودي، في حين أنه مسلم أو مسيحي، أو لأن ذاك مسلم وهو هندوسي، فإنه لا يجرؤ على الاعتراف بكونه إنسانًا طيبًا! “المؤمن” هنا يتنكَّر لإدراكه وينقاد انقيادًا أعمى للـ”مرجعيات” المزعومة. من ناحية أخرى، قد يتفق لامرئ أن يصدِّق تخيلاته وأوهامه، ويحسب أنه بلغ حالاً رفيعة من الوعي أو أنه على اتصال مباشر مع الله، فلا تلبث حشود من الناس أن تتبعه، فيَضل ويُضل سواه! إذ يمكن للناس أن يصدِّقوا أي شيء فيه نفي للعقل ومناقضة لخبرات الآخرين.

* * *

يكمن الخطر، إذن، في وسائل المعرفة الثلاث هذه جميعًا إذا اتُّكِلَ على كلٍّ منها على حدة في معزل عن الوسيلتين الأخريين (على الأقل). من هنا فإن مقاربة متَّزنة إلى الحقيقة من الأهمية بمكان دومًا. من المهم أيضًا وعي أنه حين تكون “الأنيَّة” ego شديدة الرسوخ والتضخم فإنها تتغلب على العقل، وتحرِّف الإدراك، وتعسِّر جدًّا أيَّ استجابة بنَّاءة لكلام الحكماء الحقيقيين. فالذات الشخصية الضيقة غالبًا ما تكون مدمنة على اللذة أو متحرِّقة إلى السلطة، وعبر تلبية شهواتها المجنونة تدمِّر القدرة على استعمال الوسائل الصحيحة إلى المعرفة.

لذا فإن التطهُّر وفحص النفس والانضباط الخلقي يجب أن تسير يدًا بيد مع استعمال هذه الوسائل إلى المعرفة. ما هي المعرفة الحقيقية؟ وما هي المعرفة الكاذبة؟ وما هو السبيل الصحيح إلى الفوز بالمعرفة الحقيقية؟ تلك مسائل بالغة الأهمية في نظر كل مَن يطلب السير على درب التحقق الروحي ويتوق إلى عناق الحقيقة الأزلية.


[1] يميِّز الشريف الجرجاني في تعريفاته بين “الوهم”، وهو “إدراك المعنى الجزئي المتعلق بالمعنى المحسوس”، وبين “الوهميات”، وهي “قضايا كاذبة يحكم بها الوهم في أمور غير محسوسة”.

[2] يميِّز عمانوئيل كانط بين “العقلاني” rational وبين “المعقول” reasonable في سياق تمييزه بين “النظام المطلق” و”النظام الشرطي”، حيث إن الأول يمثل العقل العملي الخالص، بينما يمثل الثاني العقل العملي التجريبي. لكننا لن نجاري هنا الفيلسوف الكبير في تمييزه هذا لأنه يخرج عن نطاق هذه الاعتبارات التي شئناها متصفةً بطابع العمومية.

[3] شهدت سيدة لبنانية، في بثٍّ مباشر على موجات إذاعة النور، أنها رأت بأم العين “ملائكة الرحمن” (كذا!) تقاتل جنبًا إلى جنب مع مجاهدي حزب الله في أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان (تموز 2006).

[4] الپرَتْيكا بوذا (“البوذا بذاته”) لقب يُطلَقُ على مريد يجاهد في سبيل الانعتاق، سبق له أن التقى بالبوذا أو بواحد من حوارييه أو استمع إلى تعاليم الدهرما Dharma في عمر سابق، دون أن يكون قد طبَّقها حتى غايتها، بحيث إنه في دورة أعماره الأخيرة في نطاق الرغبة يزهد في الدنيا طوعًا ويعتزلها طلبًا للانعتاق الروحي النهائي، دونما حاجة، في الغالب، إلى مرشد شخصي. جدير بالذكر أن الپرتيكا بوذا لا يحق له أن يعلِّم الدهرما ولا أن يرشد سواه.

[5] راجع بهذا الصدد: ديمتري أڤييرينوس، “الشيخ والمريد”، سماوات جديدة: http://www.samawat-jadidah.org/papers/spirituality/guru-chela-dna.