في سفري الكوني – لورا بوسي وترين كسوان طوان

في سَفَري الكوني*

ماذا لو أن مخططًا كونيًّا هو الذي جعل ظهور الإنسان ضروريًّا؟ وماذا لو أن فكرة النفس هي التي تفسر تعضِّي الكائنات الحية؟ يرى كلٌّ من عالمة الأعصاب لاورا بوسِّي وعالم فيزياء النجوم ترينْ كسْوان طوان بأن هذا النوع من الأسئلة الميتافيزيقية بات اليوم يبرز في العلم.

هو ذا حوار أقل ما يقال فيه إنه غير متوقع، على أقل تقدير بين عالِمين محترمين[1]. ففي أجواء "لقاءات فاس" شبه السحرية، المخصص معظمها هذا العام [2009][2] للصلات بين العلوم والروحانيات، يوغل عالمُ فلك وعالمةُ أعصاب في تخوم اختصاص كلٍّ منهما. وهما، بعيدًا، بل بعيدًا جدًّا عن المذهبين الوضعي positivisme والعلموي scientisme، لا يترددان في الاستشهاد بالبوذية والمسيحية، بالقديس توما [الأكويني] وپسكال.

منذ سنين وترينْ كسْوان طوان يُنعم النظر في قبة النجوم. إنه يستكشف شَساعة الكون؛ يرصد ضوءًا ولد مع الانفجار الأعظم، لكنه لم يصل إلينا إلا اليوم؛ يحلل تحولات كيميائية مادية جرت منذ مليارات السنين وآلت إلى استيلاد الحياة والإنسان؛ تراه ذاهلاً عن نفسه أمام جمال الكوسموس. أما لاورا بوسِّي فتفضل، من ناحيتها، خفض بصرها إلى مستوى الأرض. فهي، وقد درست البيولوجيا، تنتشي أمام تنوع الكائنات الحية اللانهائي؛ وبوصفها عالمة أعصاب، تراها تعاين غنى الحياة البشرية الذي لا ينضب – حياة هي، في آن معًا، حيوانية ومخية.

تراهما معًا يتخذان موقف بليز پسكال وهو يتأمل خاشعًا، عند بدايات العلم الحديث، اللانهائي في الكِبَر واللانهائي في الصِّغَر؛ مثله، يحاولان الربط بين الأبحاث الأكثر مُعاصَرة وبين الاستفسارات الوجودية؛ ومثله أيضًا، يراهنان على المعنى. فحتى لا تكون عالمة الأعصاب مضطرة إلى تكبُّد دكتاتورية المخ، تراها تردُّ الاعتبار إلى مفهوم النفس القديم؛ أما فيزيائي النجوم، فلا يخشى تأويل التناغم الكوني بعبارات ميتافيزيقية.

dico_amoureux_ciel_etoiles

histoire_naturelle_ame

ترينْ كسْوان طوان، أستاذ علم الفلك في جامعة ڤرجينيا بالولايات المتحدة، هو مؤلف كتب عديدة في التبسيط العلمي وفي التأمل الكوسمولوجي، نذكر منها: اللحن السري (1988)، سُبُل النور: فيزياء المضيء-المظلم وميتافيزياؤه (2007)، معجم عشاق السماء والنجوم (2009)[3]. أما لاورا بوسِّي، الاختصاصية في الصرع وفي الأمراض العصبية التنكسية، منظِّمة المعارض، مؤرخة العلوم، فهي واضعة كتاب جريء في التاريخ الطبيعي للنفس (2003)[4]. وهما معًا، على الرغم من خلافاتهما، لا يترددان في تجديد التحالف القديم بين الإنسان والكون، بين العلوم والمعتقدات.

* * *

لاورا بوسِّي: مسعيانا العلميان متعاكسان ويدرسان موضوعين متعارضين. أتصور أنك في طفولتك كنت تعشق النظر إلى النجوم. أما أنا فكنت أيبِّس نباتات في كتب عن الأعشاب وأصرف الساعات الطوال في المروج راصدةً أشكال الحشرات المذهلة التنوع، عجيج الحياة ذاك. التساؤل الفلسفي عند البيولوجي مختلف عنه عند الفيزيائي: بينما تنطلقون أنتم من الوحدة، ننطلق نحن من التنوع؛ أنت تنظر إلى الكون ينحو نحو الواحد الفرد l’Un، أما أنا فأنكب على الفريد l’Unique بوصفه مختلفًا عن سائر الآخرين جميعًا.

ترينْ كسْوان طوان: أما أنا، فعلى العكس، بوصفي أستروفيزيائيًّا، حينما أحلل إلكترونًا أو پروتونًا، أكون قد فهمت جميع إلكترونات الكون وپروتوناته – إذ إنها تتصف بالخواص نفسها.

ل.ب.: إله الفيزيائيين، بالفعل، يركز على الواحد والسرمدي، بينما يرمي إله البيولوجيين الكريم إلى التنوع، الكثرة، المدة، التغير الدائم: إنه يخلق التفرُّد individuation، أي ما يجعل كل كائن حيٍّ مطلق الفرادة، وفي الوقت نفسه مشابهًا لغيره من أفراد نوعه؛ إنه يبتكر التمايز différenciation، أي ما يجعل البيضة الملقحة تتفتق عن متعضِّية organisme، مؤلفة من أعضاء مترابط بعضها مع بعضها الآخر و"عضوية" organisé في أدق أجزائها؛ إنه ينبسط في تراتبية من الأشكال الحية، من درجات التفرُّد، حيث الإنسان، واعيًا تاريخَه ومالكًا موهبةَ اللغة، هو أكثر الأفراد فردية.

ت.ك.ط.: لا أظن أن هناك تناقضًا. فاختصاصانا يلتقيان كلما اندهش فرد، في أعمق أعماق كيانه، وهو يعاين جمال الكون وتناغُمه. فالكون، من غير راصد يعاينه، لا معنى له. في الأستروفيزياء [فيزياء النجوم]، باتت مسألة موضع الإنسان في الكون تتلقى إضاءة جديدة منذ بعض الوقت. ولنذكِّر بأن الفلك والكوسمولوجيا كانا، على مرِّ القرون، قد اختزلا تدريجيًّا نصيب الإنسان من الكوسموس. فمع كوپرنيكوس وگاليليه، في القرنين السادس عشر والسابع عشر، كانت الأرض قد فقدت موقعها المركزي من الكون ونُحيت إلى رتبة مجرد كوكب يدور حول الشمس. وفي القرنين التاسع عشر والعشرين، فهم الأستروفيزيائيون أن شمسنا ليست إلا نجمًا واحدًا من بين مئات مليارات النجوم الأخرى التي تؤلف درب التبانة، مجرتنا، وأن هذه، بدورها، ليست إلا مجرة واحدة من بين مئات مليارات المجرات الأخرى التي يكتظ بها الكون القابل للرصد.

لكن المفارقة هي أن موضع الإنسان، منذ بضعة عقود، قد رُدَّ الاعتبارُ إليه، لا بفضل خطابات أخلاقية أو دينية، بل بفضل العلم نفسه. ففي الخمسينيات، اكتشف الأستروفيزيائيون أننا مجبولون من غبار النجوم، وأنه يوجد فعلاً تحالف عميق بين الإنسان والكون. فهم، إذ درسوا التحولات الكيميائية التي حصلت منذ الانفجار الأعظم Big Bang، منذ حوالى 14 مليار سنة، تبين لهم أن هذا الانفجار ما كان ليستطيع أن يصنِّع بالاندماج النووي غير الهدروجين والهليوم، وهما عنصران أبسط بكثير من أن تستطيع الحياة والوعي أن ينشآ منهما. فمن حسن الحظ أن الكون ابتكر النجوم؛ فقد استأنفت النجوم سيرورة الاندماج النووي، التي كانت قد انقطعت عند الانفجار الأعظم، وانتهت إلى توليد سائر عُدة العناصر التي تؤلف العالم، بما في ذلك الكائنات الحية. هناك استمرارية فعلاً بين الأشياء والكائنات: الكون مهدنا، وليس فضاء غريبًا ومعاديًا.

ترين كسوان طوان

وفي السبعينيات، ظهر واقع مبلبل جديد، حوَّل هو الآخر رؤيتنا لموضع الإنسان في الكون. فقد تبين أن الكون عُوير، منذ ولادته، معايرة دقيقة للغاية، مع ثوابت فيزيائية، مثل سرعة الضوء وكتلة الإلكترون وثابتة پلانك (التي تعيِّن مقاييس الذرة)، ومع شروط ابتدائية، مثل نسبة تمدُّد الكون ومحتواه من الكتلة والطاقة إلخ. والحال، لو كانت هذه الثوابت وهذه الشروط الابتدائية مختلفة، وإنْ بمقدار ضئيل جدًّا، لكانت ولادة النجوم وكيمياؤها النووية وظهور الحياة، وبالتالي الإنسان، ضربًا من المحال المحض، ولما كنا هنا أصلاً للكلام عليها!

ل.ب.: هذا ما يُسمى "المبدأ الأنثروپي" principe anthropique…

ت.ك.ط.: نعم، لكن بالإمكان فهم هذا المبدأ بطريقتين. فبحسب صيغة ضعيفة للمبدأ الأنثروپي[5]، تكتفي بمعاينة ائتلاف الكون والحياة، الكون مصنوع بحيث جُعِلَت الحياةُ ممكنةً فيه. أما أنا فأراهن على الصيغة القوية للمبدأ الأنثروپي: لقد عُوير الكون منذ البدء لكي يظهر الإنسان (أو أي شكل آخر من أشكال الوعي خارج الأرض)؛ لقد كان الكون "يعلم" على نحو ما بأن الإنسان قادم لا محالة.

فما قولنا في هذه المعايرة الدقيقة للغاية؟ قد نعزوها إلى المصادفة. وفي هذه الحالة، لا بدَّ من التسليم بوجود "أكوان متعددة" multivers: ماعدا كوننا، توجد لانهاية من الأكوان الموازية له، وكلها يتصف بتوليفة للثوابت الفيزيائية وللشروط الابتدائية خاسرة، بحيث تكون عديمة الراصدين، ماعدا كوننا نحن، الذي منه، بمحض المصادفة، خرجت التوليفة الرابحة، وكأننا نحن "جائزة اليانصيب الكبرى"، إذا جاز التعبير. أما إذا استبعدنا فكرة الأكوان المتعددة (وهي فكرة لا يمكن التحقق من صحتها لأننا لن نستطيع أبدًا رصد أكوان أخرى)، وافترضنا أنه لا يوجد إلا كون واحد، كوننا، لا مناص لنا من التذرع بمبدأ خالق عاير الثوابت الفيزيائية والشروط الابتدائية للكون منذ أصله. وأنا هنا لا أتكلم على الإله الملتحي لهذا الدين أو ذاك، بل على مبدأ حبا الكونَ راصدًا يعاين جماله وتناغُمه. إذ إن كونًا فارغًا وعقيمًا كون عديم المعنى. وعندي أن هذا المبدأ الخالق يتجلى في القوانين الفيزيائية التي أرصدها وأدرسها في الطبيعة. إنها رؤية حلولية panthéiste على طريقة اسپينوزا وأينشتاين. فأنا أراهن على الضرورة، وبالتالي على المعنى والرجاء، لا على المصادفة. وآخر المكتشفات العلمية، بدلاً من أن تحرِّم علي ذلك، تشجعني على المضي في هذا الاتجاه.

ل.ب.: مسعيانا، مرة أخرى، يفترقان. أنت تدرك في تناغم الكون مبدأ خالقًا، إلهًا غير شخصي، ليس غير واحد مع العالم. أما أنا فأتساءل عما هو أكثر ذاتية، شخصية، فرادة، مع أننا نشترك فيه جميعًا: الحياة، الموت، الوعي، هذه المظاهر المختلفة التي كانت في الماضي مجتمعة في فكرة "النفس"؛ وهذا التصور عن النفس هو بالضبط ما أردت أن أردَّ الاعتبار إليه. فهذا المفهوم بالفعل قد طواه النسيان: نسيه العلماء طبعًا – سواء كانوا بيولوجيين أو علماء أعصاب أو علماء نفس –، كما نسيه فقهاء الدين. بيد أن مفهوم النفس ظل تصورًا رائدًا للفكر والعلم الغربيين، منذ أفلاطون حتى القرن التاسع عشر. ولقد تساءلت مطولاً عن خسوف النفس هذا الذي يخفي شيئًا ما، وتبين لي أننا، إذ تخلينا عن هذا المفهوم، فقد أوصدنا بابنا دون فهم مفاهيم الجسم والحيوان والحياة والموت والشخص.

لاورا بوسي

لقد طرح كل من أفلاطون وأرسطو نموذج النفس المثلثة، وحذا حذوهما في ذلك جالينوس والمنقول الطبي برمته: نفس نباتية، يشترك فيها النبات والحيوان، متوضعة في الكبد ومسئولة عن التغذية، نفس حساسة أو شهوانية، موضعها القلب، نشترك فيها مع الحيوان، ونفس مفكرة وعاقلة، تقيم في المخ. وعلى أساس هذه النفوس (أو قوى النفس) الثلاث التي تتداخل تداخُل الدمى الروسية، تصور القوم تناغمًا للكون برمته، يختصره سلَّم الكائنات، من الحجر إلى الإنسان وفق تدرجات غير محسوسة.

نموذج النفوس الثلاث هذا – وهو أقل سذاجة مما يبدو عليه – لا يزال يتخلل إلى حدٍّ كبير طُرُقنا في التفكير. فنحن نتكلم فعلاً على أشخاص "في حالة نباتية"[6]، لا يُعترَف لديهم إلا بالنفس الدنيا؛ وحين دخلتْ على الطب أولى فنون الإنعاش réanimation – عملية "نفث النفْس من جديد"[7] –، بُدئ بالعمل على القلب. وأخيرًا، فإن نموذج النفوس الثلاث يؤكده علم الجنين المعاصر، الذي يميز ثلاث وريقات إنتاشية، يتشكل منها جهاز الهضم (الأدمة الباطنة endoderme)، الجهاز القلبي-الدوراني والجهاز الحركي [العضلات] (الأدمة المتوسطة mésoderme)، والجهاز العصبي والجلد (الأدمة الظاهرة ectoderme). وإني لأشعر بالضيق حيال إنكار "النفوس الدنيا" الذي يمارَس اليوم، كأنْ نعيِّن موضع النفس كلها، الحياة كلها، في المخ، كما نفعل، على سبيل المثال، حينما نستعمل معايير "الموت المخي". فهذا النموذج المخي المركزي encéphalocentrique للنفس، الذي مافتئ ينتشر منذ الخمسينيات في أعقاب ظهور زرع الأعضاء، شديد المثنوية ويعزو دور البطولة إلى إنسان-آلة يتوضع نَفَسُ الحياة الوحيد لديه في المخ. فما إن "ينطفئ" المخ حتى يسارع القوم إلى استعمال أعضاء الجسم الأخرى كقطع تبديل، فتُزرع في جسم مريض ذي مخٍّ لا يزال يعمل. أما مفهوم النفس المثلثة القديم فيتيح لنا، على العكس، ألا نتنكر لحيوانيتنا، كما يتيح توسيع مفهوم الشخص البشري ليشمل جسمه الحي برمته، بدلاً من أن نختزله إلى مخِّه، وحتى إلى قشر مخِّه cortex فحسب.

ت.ك.ط.: لا ريب بتاتًا أن أعقد أشياء الكون وأكثرها غموضًا هو هذه الكتلة الرمادية الواقعة بين أذنينا. فالمخ شيء أكثر تعقيدًا بما لا يقاس من نجم أو مجرة، يمكن لقوانين بسيطة نسبيًّا أن تصف عملهما. هذا المخ هو محل النفس – وأسميها الوعي – المسئولة عن خيارنا الحر، عن كوننا نفكر ونحب ونخلق بطريقة مختلفة دومًا.

ل.ب.: مع أني أوافقكَ بالطبع على دور المخ بوصفه العضو الرئيس للتفرد، أود أن أذكِّر بأن المخ جزء لا يتجزأ من متعضِّية حية وأن الذات الحية، الموهوبة الحريةَ والغائية، تقيم في المتعضِّية ككل، لا في مخ موضوع داخل مرطبان! فأنا مصرة على معارضة مثنوية "نفس-جسم" من النمط الديكارتي، وعلى التصدي للمقاربة الاختزالية réductionniste والآلوية mécaniste للحي. وحتى إذا لم يكن هناك ارتباط مباشر بين عمل العالِم وبين الخطاب الديني، ربما كان البيولوجي أقرب بكثير مما يظن عمومًا من المنقول المسيحي الذي يتأسس على مفهومَي التجسد والقيامة. كان القديس توما، اللاهوتي الكبير، يصف النفس بأنها "صورة غاطسة في المادة". من هذا المنظار، فإن الإنسان برمته، في وحدته النفسجسمية، هو الذي يجب أن يُحلَّل، وليس روحًا غير مادي أو برنامج كمپيوتر. فالبيولوجيا وعلم الوراثة الحديث يؤكدان أن كل إنسان كائن فرد، غير قابل للاستبدال، فريد حتى في بنية كل خلية من خلاياه، في جينومه[8]. الاتساق الحي للمتعضِّية ليس آليًّا، بل ينبسط في الزمن وفي تفاعل معقد مع العالم.

ت.ك.ط.: بصفتي بوذيًّا، أعتبر مثلكِ أن جوهر الإنسان ليس خلاياه العصبية وأن ثمة شيئًا غير المادة الصرف. إنه حدس، لكنْ لا شيء في العلم الحالي يمنعني من تصديقه. يصعب علي أن أتصور أن المحبة التي نكنُّها لأولادنا أو الانفعال الذي يعتمل فيَّ وأنا أمام تلسكوپي في مواجهة جمال الكون لا ينتجان إلا عن تيارات كهربائية وكيميائية. لكني أبقى علميًّا، وإذا برهن العلم ذات يوم أن الفكر والانفعالات والمحبة مشتقة من تيارات كهركيميائية فسوف أتقبل حُكمه.

ل.ب.: أعتقد أن العلم لن يتوصل أبدًا إلى تفسير المخ تفسيرًا تامًّا – ولا إلى تفسير الكون أيضًا. العلم سيرورة متواصلة: يقترب المرء ولا يبلغ أبدًا. كلما توصل إلى إجابات ترى أسئلة أخرى تنطرح. نفي تعقيد الأشياء التي لا نعرفها، كما يفعل العديد من العلماء الاختزاليين، يبدو لي من قبيل الضلال. يدهشني فقرُ النظريات في علوم الحياة في القرنين العشرين والواحد والعشرين بالمقارنة مع النظريات التي طُرحت في القرن التاسع عشر. إذ ليس من الممكن، ولا من المفيد، تفسير الفن والروحانيات بالعلوم العصبية.

ت.ك.ط.: الحوار بين العلم والدين لا يزال يتلمس سبيله. لكن خطوة حاسمة تم اجتيازها، منذ بضعة عقود، حين اكتشف العلم الجامد والآخذ بالحتمية déterministe للقرن التاسع عشر حدوده نفسها. وبذا أعيدَ إطلاقُ الاستفسار الوجودي حول مآل الإنسان وإمكان وجود مبدأ خالق، وهو ليس وشيك الانطفاء.

سجَّل الحوار: ميشال إلتشانينوف

المترجم عن الفرنسية: ديمتري أڤييرينوس


* « Dans mon Cosmic Trip », dialogue entre Laura Bossi et Trinh Xuan Thuan, propos recueillis par Michel Eltchaninoff, Philosophie Magazine, numéro 33, octobre 2009, pp. 28-31.

[1] مبالغة "إعلامية" لا نجد أي مسوغ لها! إذ إن هذا النوع من اللقاءات بين علماء ينتمون إلى اختصاصات ومناهج مختلفة للتباحث في رؤاهم وآمالهم بات شائعًا، بل شائع جدًّا، منذ بداية الثمانينيات – ناهيكم عن اللقاءات الدورية بين علماء وفلاسفة وفنانين وممثلين عن مختلف الأديان. الجديد في الأمر، بنظرنا، أن مدينة فاس المغربية هي التي باتت تستضيف سنويًّا لقاءات من هذا المستوى الراقي. أفلا يحق لنا أن نتطلع إلى أن تكون دمشق وحلب واللاذقية موئلاً للقاءات مماثلة؟ (المحرِّر)

[2] ما بين معقوفتين […] من إضافة المترجم توضيحًا للمقصود. (المحرِّر)

[3] Cf. Trinh Xuan Thuan, La Mélodie secrète (Fayard, 1988) ; Les Voies de la lumière : Physique et métaphysique du clairobscur (Fayard, 2007) ; Dictionnaire amoureux du ciel et des étoiles (Plon, Fayard, 2009).

[4] Cf. Laura Bossi, Histoire naturelle de l’âme (PUF, 2003).

[5] من كلمة أنثروپوس anthropos اليونانية التي تعني "الإنسان". (المحرِّر)

[6] المقصودون هم الأشخاص الداخلون، لأسباب مختلفة، في غيبوبة أو سبات عميق coma يتصف بفقدانهم وظائف العلاقة (الوعي، الحركة، الحساسية)، مع احتفاظهم بوظائف الحياة النباتية (التنفس، الدوران). (المحرِّر)

[7] من اللاتينية: re، "مرة ثانية"، و anima، "نفْس"؛ والمقصودة هي الوسائل الطبية المختصة بإعادة توازن الوظائف الحيوية السوية (التنفس، الدوران، نظم القلب، إلخ) وبالحفاظ عليها. (المحرِّر)

[8] "الجينوم" génome هو مجموع الجينات gènes التي تحملها الجسيمات الصبغية chromosomes الخاصة بنوع بعينه. (المحرِّر)