التناغم مع الكون
ديمتري أڤييرينوس
ثمة حرارة واحدة، نَفَس واحد، الأشياء كلها يعطف بعضها على بعض.
~ أبقراط
باتت مسألة التناغم قضية ذات أهمية حيوية مصيرية – لا لتحقيق السعادة المأمولة للبشرية الشقية، بل لبقاء النوع البشري أصلاً. فلمَّا كان تناغمنا اليوم مع البيئة ومع سوانا من البشر ومع أنفسنا شديد الاختلال – وهل من أحد يشكك في هذا الواقع الفاضح والمؤلم؟! –، ترانا نتسبب في وقوع أضرار جسيمة على العلاقات المتبادلة، بيننا وبين الطبيعة وفيما بيننا، وعلى تطوُّرنا، نفسيًّا وجسميًّا – حتى إن العديد من المراقبين لا يستبعدون، من جراء تراكُم هذه الأضرار، وقوع كارثة عالمية ماحقة. والضرر الواقع علينا لا يمكن فصله، ولا لحظة واحدة، عن الضرر الواقع على غيرنا – فنحن، فعليًّا، مسؤولون عن الإنسانية ككل، وذلك لأن كل واحد منا مختصَر مكثَّف للنوع البشري بأسره، كما ظل ج. كريشنامورتي يلحُّ مرارًا وتكرارًا.
المتناغمون داخليًّا، المتكاملون في أنفسهم، يشعُّون تناغمًا وفرحًا وسعادة، أينما حلُّوا ومهما فعلوا. في المقابل، عندما ينشب نزاع داخلي في النفس، لا يلبث أن يُسقَط نزاعًا على الخارج. لذا يشدِّد كتيِّب صوت الصمت:
قبل أن تستطيع النفس أن ترى، لا بدَّ من بلوغ التناغم في الداخل، ومِنْ جعل عينَي اللحم تعميان عن كل وهم. (المقطع الأول)
فكل نشاز (= وهم) على هذا الصعيد يعيق الرؤية ويؤخِّر تطور الإنسان ككل.
* * *
الكون، في التحليل الأخير، ليس شواشًا chaos، بل نظام cosmos – نظام هو من التناغم بحيث إن الواعين به، رصدًا ومشاهدة، يقفون أمامه فاغري الفم، في حال ذهول تام. في كتاب للأستروفيزيائي مارتن ريس بعنوان ستة أعداد فقط – وبعنوان فرعي هو “القوى العميقة التي تشكِّل الكون”[1] – يتناول المؤلف، الباحث في الجمعية الملكية البريطانية والأستاذ في جامعة كمبردج، بالتبسيط العلمي الراقي ستة أعداد (بعضها ضئيل وبعضها الآخر ضخم) تؤلف “صيغة” تشكيل الكون: حَسْب أحدها أن يزيد أو ينقص، وإنْ بمقدار طفيف، حتى تتوقف سيرورة تكوين النجوم وتنعدم الحياة كما نعرفها.
على سبيل المثال، لو اتفق للتناسب N بين قوة الجاذبية وبين القوة الكهرطيسية أن ينقص، وإنْ بمقدار طفيف، لكانت النجوم قد اختصرت كثيرًا دورة الحياة: فالتوازن بين قوة الجاذبية، التي تشدُّ النجم بعضه إلى بعض، وبين القوة الكهرطيسية، التي تحُول بينه وبين الانهيار، وثيق الصلة بعمر النجوم؛ فلولا هذا التوازن الدقيق لما أتيح الوقتُ الكافي الضروري لكوكب مثل الأرض أن يتكون؛ إذ من غير شمس مستقرة يدور حولها يتضاءل احتمال وجود الأرض أو الحياة عليها. وريس، أمام هول ظاهرة الكون، يطرح السؤال الملحَّ التالي: “هل هذا التناغم مجرد واقعة خام، مصادفة؟”
كان النظام الكوني عند قدماء الهنود يُسمى رتا rita. وسوية التناغم الفائقة للخيال التي تحافظ على النظام الكوني لا تعود إلى الوقائع المقيسة والمدرَكة التي بدأ العلم يدرسها، لكنها موجودة على أبعاد حاذقة أعمق، وحدهم الفلاسفة بين العلماء باتوا يحدسون وجودها. يمثل رتا بنظر الأقدمين تناغمًا يحيط بكل شيء، وهو أساس الظواهر كلها في المجالين المرئي وغير المرئي للوجود. ولقد كان عالم الفيزياء والفيلسوف الكبير ديڤيد بوهم نافذ البصيرة حين وصف الواقع في كتابه العميق الكلِّية والنظام المنطوي[2] بأنه “سيرورة لا تنتهي من الحركة والتفتح” وتكلم على نظام منطوٍ “يشكل وجهًا أساسيًّا من وجوه الواقع”.
* * *
تبلغ أذن الموسيقي الخبير من رهافة الحساسية حدًّا يمكِّنه من وعي أدق انزياح عن تناغم الأصوات؛ إنه يسمع تنويعات طفيفة للغاية قد لا يلحظها مستمعوه، وينبغي له، كل لحظة، أن يُحكِمَ ضبط الوتر حتى يحافظ على التوافق التام. بالمثل، يحرص كل عازف في الأركسترا على إتقان عزفه بالتناغم مع زملائه: فأدقُّ التلاوين الموسيقية هامٌّ للغاية لأنه جزء لا يتجزأ من العمل الموسيقي ككل. في رائعة ميلوش فورمَن أماديوس (1984) – ذلك الفيلم المذهل الذي يصوِّر جوهر الإبداع – تدور حوارية قصير بين موتسارت وبين القيصر يوزِف الثاني، راعيه في ڤيينا، بعد العرض الأول لأوپرا الاختطاف من السراي:
القيصر: جهد طيب، يا سيد موتسارت… لا جدال في ذلك، جهد ممتاز! لقد أريتنا شيئًا… جديدًا تمامًا هذه الليلة.
موتسارت: إنه جديد فعلاً! إنه حقًّا جديد، أليس كذلك، يا مولاي؟
القيصر: حقًّا إنه كذلك.
موتسارت: فقد أعجبك إذن؟ أأعجبك حقًّا، يا مولاي؟
القيصر: بالطبع أعجبني! إنه جيد جدًّا… طبعًا، بين الحين والآخر… فقط بين الحين والآخر… بدا بعض الشيء…
موتسارت: ماذا تعني، مولاي؟!
القيصر: أعني، أحيانًا، يبدو أن فيه… كيف أقول؟… كيف يقال ذلك، أيها السيد المدير؟
مدير الأوپرا: … نغمات أكثر مما ينبغي، يا صاحب الجلالة؟
القيصر: بالضبط! أحسنت القول. فيه نغمات أكثر مما ينبغي.
موتسارت: لم أفهم! ففيه عدد النغمات المطلوب بالضبط، يا صاحب الجلالة، لا أكثر ولا أقل!
ينطبق هذا المبدأ على النظام الكوني، رتا، لكنْ على سلَّم أعظم بما لا يقاس. ويبدو أن هناك عقلاً مدبِّرًا أو قدرة مبدعة (“قائد أركسترا”) تعيد تناغم الكون إلى نصابه آنيًّا – والكلام هنا على سبيل المجاز – إذا اتفق له أن يختلَّ اختلالاً طفيفًا. هذا هو عمل قانون كرما karma أو كرما-نميسِس Karma-Nemesis (نميسِس: إلهة الثأر عند الإغريق)، كما تسميه السيدة بلاڤاتسكيا في موسوعتها الباطنية العقيدة السرية. إنها تذكر أن
[…] ناموس كرما الفريد – وهو ناموس أبدي وسرمدي – هو التناغم المطلق في عالم المادة، كما هو في عالم الروح. ومنه، ليس كرما هو الذي يثيب أو يعاقب، بل نحن الذين نثيب أنفسنا أو نعاقبها طبقًا لسلوكنا حيال الطبيعة، باحترامنا القوانين التي تحكم التناغم أو بانتهاكنا إياها.
وتذكر السيدة بلاڤاتسكيا أيضًا، في هذا السياق، أنه مادام أثر الاختلال الحاصل، “حتى على أصغر ذرة، في العالم اللانهائي للتناغم”، لم يوازَن، فإن الذي أساء الفعل يشقى مما يظنه عقابًا: إنه يختبر ما نسميه “الشقاء” ويحاول التهرب منه بكل الوسائل؛ وهو، إذ يجهل ما يحدث له، تراه يتخبط تخبطًا يؤدي إلى حصول المزيد من الاختلال!
* * *
يفيدنا الموروث القديم وجود أنماط عديدة من الكائنات لا يحيط بها إدراكنا، تتمتع بالعقل على درجات متفاوتة وتحيا في حال من التناغم غير الواعي مع الطبيعة، فتحقِّق “العمل العظيم” Magnum opus عفويًّا؛ إنها تؤدي دورها بفرح في السيمفونية الكونية، وكذا تفعل سائر الموجودات ما دون البشرية التي نعرفها. وحده الموجود البشري تنطرح عليه ملحَّةً مسألةُ كيفية “التناغم مع الطبيعة”: فنحن – وحالنا من عدم التناغم هي ما هي! – نتكبَّد شقاء الصراع ونتحرق شوقًا إلى السلام والمحبة والجمال.
غير أن الوعي البشري، لحسن الحظ، يتمتع بالقدرة على الرصد والتفكير، بحيث إن القليل الذي يفهمه من العالم الذي يحيا فيه يكفي لتوعيته بمسؤولية الفرد عن الحفاظ على التناغم. إن من شأن جهودنا لدراسة ظواهر الحياة وفهمها – على افتراض إخلاص هذه الجهود! – أن توعِّينا بأن الشروط الفوضوية السائدة في المجتمع البشري إنما تتولد أصلاً في دخيلة نفس كلٍّ منا. ومنه، فإن الحل بأيدينا: إذا أولينا ما يكفي من الانتباه لفهم مجرى الأمور فقد يتمكن وعينا من إحداث نقلة نوعية على مرتبة معرفية جديدة بالنظام الكوني وبمغزاه وجماله.
* * *
ليس التطور مجرد نموٍّ من درجات أدنى من تعقيد الشكل إلى درجات أعلى منه فحسب، لكنه تفتُّح كلِّي متواصل للوعي على مستويات أرقى من اليقظة أيضًا. وهذا الوعي يتضمن تقييمًا للطاقات الجوهرية للكوسموس: إنه لا يتناول بالضرورة معرفة التفاصيل، بل هو بالأحرى رؤية للمبادئ الإلهية التي تتجلَّى في كل تفصيل مثلما تتجلَّى في التيار الكلِّي. ويورد المأثور أن العلم الكلِّي الذي لدى البوذا، على سبيل المثال، عبارة عن قدرة على معرفة الكليات على الإجمال، لا معرفة الجزئيات على التفصيل، من نحو عدد الشعرات النابتة في رأس فلان من الناس!
يكشف دفق التجلِّي عن هذه المبادئ الإلهية الكلِّية، على مراتب مختلفة، عبر ظواهر ووظائف متنوعة. ففي جريان الشلال، ترى حاسة البصر لا تدرك إلا صورة ثابتة، في حين أن حركة الماء في الواقع متواصلة. بيد أن التغيرات المتلألئة على خلفية حالٍ ساكنة تجعلنا نختبر فرحًا منعشًا وإحساسًا بالتجدد في كل لحظة؛ وعلَّة ذلك أن عالم الظواهر عبارة عن حركة دائمة وتغيُّر لا ينتهي، إنما يبطِّن هذه الحركةَ الموجودُ السرمديُّ الأبدي – وهي مفارقة تتكرر بصور مختلفة. فنظام الكون ينطوي على تنوع لانهائي من الأشكال والصور والنماذج، بحيث إن الطاقة الخلاقة التي تبطِّنه تولِّد دومًا أشكالاً وصورًا ونماذج جديدة. وفي هذا الدفق الكلِّي، ما من شيء يماثل الآخر، وحتى ورقة الشجرة الواحدة لا تشبه أي ورقة أخرى؛ إذ يبدو أن الطبيعة لا تطيق التماثل والتشابه. غير أن في تنوعات الحياة المذهلة “خيطًا” سريًّا يربط ما بين الأشياء كافة في كلٍّ واحد لا ينقسم. الإنسان الفرد أشبه ما يكون بقطرة في سعة محيط الوجود وعمقه، قد تبدو للوهلة الأولى منفصلة، لكنها في الواقع لا تنفصل عن هذا المحيط.
هذه المفارقات كلها جزء من “موسيقى الأفلاك”، بالتعبير الفيثاغورثي الجميل. سيمفونية الطبيعة يؤديها ما لا يُحصى عددُه من صنوف الموسيقيين والآلات والألحان والنغمات والإيقاعات وهلم جرا – وكل منها لا غنى عنه لحصول التناغم الإجمالي. ففي حكاية صوفية ورد أنه حين أثار نعيق غراب أجش سخط عدد من الأشخاص، فطردوا الطائر المسكين، غضب الخالق واستدعى معاونيه وسألهم لماذا نقص أفراد جوقته واحدًا! كل عنصر فرد فهو يستمدُّ قيمته من الكل، لكن الكل هو الذي يؤلف “موسيقى الأفلاك”.
إن كوننا بشرًا شرفٌ عظيمٌ أسبغتْه علينا الطبيعة لأن بمقدورنا أن نبتهج بجمال العناصر المختلفة كلها وبجِدَّتها، وأن نعي كذلك – حدسًا – أنها ليست، في جوهرها، غير تجلٍّ للكل الواحد غير المنقسم. فهي، بالفعل، تؤلف الوحدة ويتجلَّى من خلالها جزء من طبيعتها، مثلما أن الضوء يتألف من ألوان قوس قزح. كل عنصر فرد فهو يتضمن بالقوة تنوعًا هائلاً، وكل التنوعات في المآل تندغم في الوحدة الأصلية التي انبثقت منها.
* * *
تتمثل المشكلة البشرية في أن أساسَ تناقضاتنا الداخلية مفارقةٌ كبرى ينطوي عليها التجلِّي الكوني، إذ يظهر المبدأ العَلِيُّ على هيئة “سواه”. في كتاب پيار لوكونت دو نوي الكلاسيكي مصير الإنسان[3]، حاول المؤلف أن يتفكر في الغايات المبطِّنة للتطور، فخمَّن أن هذه الغايات تشتمل على التناغم والحرية والفردية. ففي حالة إنسان متوسط، يزعزع التشديدُ على الفردية التناغمَ، فيما يبدو أنه يتيح، في الظاهر، حريةً أكبر.
تنوُّع الأشكال والأنواع إنما هو وسيلة الطبيعة لتنمية المزيد من الخصائص الفردية. فهناك، مثلاً، فارق هائل بين البعوضة والفيل، لا بسبب تبايُن حجميهما وحسب، بل لأن الأولى تكاد لا تبدي من خصائص الفردية إلا أقلها، بينما الثاني متفرِّد بصفة ملحوظة، من حيث مظهره وسلوكه وفطنته. والإنسان، في غضون ملايين عدة من سني تطوره، قد مضى شوطًا أبعد في هذا الاتجاه؛ ولكن منذ بضع عشرات الآلاف من السنين، عمل تطوُّر الوعي على تنمية الحرية وحسِّ التناغم لديه أيضًا. فمن منظار عضوي، حدثت تطورات ملحوظة من هذا القبيل: يتمتع الحيوان فيزيائيًّا بحرية حركة أكبر من النبات المغروس في التراب؛ والنوع البشري أكثر حرية أيضًا، من حيث قدرته على صنع آلات تحرِّر جسمه من قيود الطبيعة. وداخليًّا أيضًا، هناك تطوُّر ما انفك يجري نحو المزيد من الحرية؛ غير أن ثمة تناقضًا ظاهريًّا عند غالبية البشر بين الحاجة إلى التناغم، من ناحية، وبين الدافع إلى التفرد، من ناحية ثانية.
ينحلُّ هذا التناقض في الأشواط الأولى ما قبل البشرية من التطور عبر تسويات الطبيعة؛ أما عند الإنسان الواعي، فهناك نزاع وصراع: فهو راغب في عقد علاقات إنسانية سوية، لكن أنانيته تحبط حظوظ اختبار هذه العلاقات اختبارًا موفقًا. إن التشديد على الفردية تشديدًا أنانيًّا هو العلَّة الأولى لاختلال التناغم في حياتنا. على النحو نفسه، نحن راغبون في الحرية، لكننا أيضًا في حاجة إلى نظام خارجي يحدُّ من حريتنا لتنظيم العلاقات فيما بيننا – وهذه ليست معضلة فردية وحسب، بل معضلة اجتماعية ووطنية ودولية أيضًا.
* * *
ترى مشكلتنا الرئيسة، من الآن فصاعدًا، هي التالية: هل بوسعنا أن نظل أحرارًا من غير أن نختلق أوضاعًا جماعية فوضوية مؤلمة؟ هل بوسعنا أن نكشف عن الوحدة المستترة في أعماق نفوسنا من غير أن نتصارع ونقتتل؟! يتوقف معظم الجواب على النحو الذي نفهم به أنفسنا ونتفهم القيم المركوزة في الجوهر الأساس للكون.
إن القيم العالمية الأزلية للكوسموس قيم مستقلة عن الوعي البشري المحدود، وهي لا تمتُّ بصلة إلى ظاهر الأمور. فكما قال الشاعر ريتشارد لوڤليس:
جدران الحجر لا تصنع سجنًا،
ولا قضبان الحديد قفصًا؛
فالنفوس البريئة والمطمئنة
تتخذ ذاك ملاذًا.إذا كانت في حبِّي طلاقة،
وكنت في نفسي طليقًا،
فالملائكة المحلِّقة في الأعالي
وحدها تنعم بمثل هذه الحرية.
حبيس السجن ليس أقل حرية من امرئ يتمتع – زعمًا – بالحرية، في حين أنه عبد لأهواء الغضب أو الطمع أو الحسد، أو أسير الذهن للطائفية أو لمذهبية ضيقة. بالمثل، فإن “فردية” أصيلة، متكاملة في ذاتها (بالمعنى اليونگي للمصطلح)، لا تفسح في المجال مطلقًا لتأكيد أهمية النفس ولا للتباهي بالمعارف الواسعة، كما لا تكترث البتة بأي انتماء طائفي أو مذهبي.
* * *
إن ما نسمِّيها القيم الجوهرية العالمية – الحرية، الوحدة، الإخاء، السعادة، السلام، إلخ – هي من الخصائص الأصيلة في النفس: فهي لا تتكل في وجودها على أي شيء خارجي، وإنْ كان يمكن لبيئة خارجية مؤاتية أن تتيح المجال لتفتُّحها من غير مشقة. لكن اعتقادنا المغلوط بأننا يجب أن نجد هذه القيم أو نوجدها في الخارج – باستخدام نفوذ العلاقات البشرية، باقتناء المزيد من الأشياء والاستئثار بها، أو حتى بتغيير الظروف الخارجية (“علاقات الإنتاج”، بالمصطلح الماركسي) تغييرًا قسريًّا – هو في الأساس من الفتن والصراع والشقاء. تلك القيم إنما هي وجوه متعددة لفطرتنا الأصلية، للوعي الكوني الكامن فينا؛ ومنه، حسبنا أن نحقق هذه الفطرة حتى نكون على تناغم مطلق مع الكون!
[1] Martin J. Rees, Just Six Numbers: The Deep Forces that Shape the Universe, Weidenfeld & Nicolson, London, 1999.
[2] David Bohm, Wholeness and the Implicate Order, Ark Paperbacks, 1983.
[3] Pierre Lecomte Du Noüy, L’Homme et sa destinée (Human Destiny), La Colombe, Paris, 1948.