ثمانية حوارات*
الحوار الثامن
سائل: لقد غادرتُ العالم – عالم احتراف الكتابة الذي يخصُّني – لأني أردتُ أن أحيا حياةً روحية. هجرتُ جميع شهواتي ومطامحي إلى الشهرة، مع أني كنت أملك الموهبة الضرورية، وجئتك آمِلًا أن أجد الأسمى وأحقِّقه. لقد مكثتُ تحت شجرة البَنْيان [تين البنگال] العظيمة هذه طوال خمس سنوات حتى الآن، وأجدني فجأةً بليدًا، مستنزَفًا، مستوحِشًا في الداخل، ونوعًا ما بائسًا. أستيقظ في الصباح لأجد أني لم أحقق شيئًا البتة، لأجد أني كنت، ربما، في حالٍ أفضل منِّي الآن قبل حوالى سنتين، يوم كان عندي بعدُ شيءٌ من الحَمِيَّة الدينية القوية. والآن لم يبقَ عندي من الحَمِيَّة شيء، وإذ ضحَّيتُ بأمور الدنيا لأجد الله، أجدُني عديم كليهما. أشعر كأني برتقالة معتصَرة. فما هو المُلام – التعاليم، أنت، بيئتك؟ – أم تراني عديم القدرة على هذا الأمر، تراني لم أجد الشرخ في الجدار الذي سوف يكشف عن السماء؟ أم أنَّ الأمر ببساطة هو أنَّ هذا المسعى كلَّه، من أوَّله إلى آخره، محض سراب، وأنَّه كان من الخير لي لو أني لم أفكر في الدين قط، بل تمسَّكت بالملموس، بالإنجازات اليومية لحياتي السابقة؟ أين الخطأ، وماذا يتعيَّن عليَّ أن أفعل الآن؟ هل أتخلَّى عن الأمر كلِّه؟ وإذا فعلت فمن أجل ماذا؟